الأول: هذا التفريق لم ينقل عن الصحابة ﵃ وهم أعلم الناس بمراد الله ومراد رسوله ﷺ مع علمهم التام بدلالات ألفاظ اللغة.
الثاني: قولهم لفظ أمرك مفرد مضاف فيعم هذا مما يعلمه الخاصة ممن لهم عناية بالفقه وأصوله وإلا عامة المسلمين لا يفرقون بين اللفظين.
الثالث: عدد الطلاق يرجع فيه إلى نية المطلق فلو تلفظ بلفظ الطلاق الصريح ثلاثًا ونيته الإسماع أو التوكيد فيما زاد على الواحدة لا يقع إلا واحدة (١).
الرابع: يعارض هذا بقول المالكية بأنَّ اختاري يبقى على إطلاقه فهو ثلاث.
٢: قال ابن النجار الفتوحي: أمرك بيدك كناية ظاهرة تملك بها أن تطلق نفسها (ثلاثًا) وإن نوى أقل نصًا، وأفتى به غير مرة … لأنَّه لفظ يقتضي العموم في جميع أمرها; لأنَّه اسم جنس مضاف فيتناول الطلقات الثلاث أشبه ما لو قال: طلقي نفسك ما شئت. (و) قوله لها (اختاري نفسك) كناية (خفية) ليس لها أن تطلق بها أي: باختاري نفسك أكثر من واحدة (٢).
الرد من وجوه:
الأول: كون أمرك بيدك كناية ظاهرة واختاري كناية خفية هذه من المسائل المذهبية التي هي محل خلاف.
الثاني: عامة المسلمين لا يعرفون الكناية الظاهرة والخفية ولا يفرقون بينهما.
الثالث: لم يُعْرَف هذا التفريقُ عن الصحابة ﵃.
٣: قال البهوتي والرحيباني: اختاري تفويض معين، فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم وهو طلقة رجعية، لأنَّها بغير عوض، بخلاف أمرك بيدك؛ فإنَّه أمر مضاف؛ فيتناول جميع أمرها (٣).
الرد: التفريق بينهما وجعل اختاري تفويض معين بخلاف أمرك بيدك هذا هو محل الخلاف والصحابة ﵃ لم ينقل عنهم هذا التفريق.