الدليل الثاني: أتى عبد الله بن مسعود ﵁ رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنَّه كان بيني وبين أهلي بعض ما يكون بين الناس، وإنَّها قالت: لو كان ما بيدك من الأمر بيدي لعلمت ما أصنع؟ فقلت لها: هي بيدك، قالت: فإنَّي قد طلقتك ثلاثًا، قال عبد الله ﵁:«هِيَ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا» قال: فذكرت ذلك لعمر ﵁ فقال: «لَوْ قُلْتُ غَيْرَ ذَلِكَ لَرَأَيْتُ أَنَّكَ لَمْ تُصِبْ»(١).
الدليل الثالث: عن زيد بن ثابت ﵁، قال:«إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ»(٢).
وجه الاستدلال: التمليك والتخيير توكيل المرأة بطلاق نفسها - على الصحيح (٣) فإذا طلقت أكثر من واحدة فيرى عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت ﵃ أنَّه لا يقع عليها إلا واحدة فلو كان للوكيل أن يطلق أكثر من طلقة لأوقعوا ما زاد على الواحدة والله أعلم.
الدليل الرابع: الزوج غير مأذون له شرعًا في أكثر من طلقة على الراجح فكذلك الوكيل.
الدليل الخامس: الطلاق مصدر فيقع على الأدنى وهي الواحدة مع احتمال أكثر من واحدة فليس للوكيل أن يطلق ما لا يتحقق الإذن فيه (٤).
الدليل السادس: القياس على من طلق زوجة غيره فالوكيل ليس له ولاية فيما زاد على الواحدة والمطلق ليس له ولاية على المرأة الأجنبية.
الرد: هذا موطن الخلاف.
(١) الأثر صحيح وله طرق مخرجة في قول المرأة لزوجها أنت طالق وقول الرجل أنا طالق. (٢) رواه سعيد بن منصور (١٦٢١) (١/ ٤٢٠)، وعبد الرزاق (١١٩١٧) قالا: نا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن القاسم بن محمد وغيره، عن زيد بن ثابت ﵁، قال: «إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ» ولفظ عبد الرزاق «قال في رجل جعل أمر امرأته بيدها … » إسناده صحيح. وله طرق أخرى. (٣) انظر: (ص: ٧١٠). (٤) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ٩٦)، والجوهرة النيرة (٢/ ١٩١)، وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (٥/ ٤٤)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (٥/ ٢٩٣).