تزوجها رسول اللَّه ﷺ قبل الهجرة بسنتين، وهي بكر، قاله أبو عبيدة. وقيل: بثلاث سنين. وقال الزبير: تزوّجها رسول اللَّه ﷺ بعد خديجة بثلاث سنين. وتوفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل: بأربع سنين. وقيل: بخمس سنين. وكان عمرها لما تَزَوَّجَها رَسُولُ اللَّه ﷺ سِتَّ سنين، وقيل: سبع سنين. وبنى بها وهي بنتُ تسع سنين بالمدينة.
وكان جبريلُ قد عَرَض على رسول اللَّه ﷺ صُورتها في سَرَقَةِ (١) حرير في المنام، لما توفيت خديجة، وكناها رسول اللَّه ﷺ أُمَّ عبد اللَّه، بابن أُختها عبد اللَّه بن الزبير.
أخبرنا يحيى بن محمود - فيما أذن لي - بإسناده عن ابن أبي عاصم قال: حدثنا سعيد بن يحيى ابن سعيد، حدثنا أبي، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن (٢) حاطب عن عائشة قالت: لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم بن الأوقص - امرأة عثمان بن مظعون، وذلك بمكة-: أيْ رسولَ اللَّه، ألا تَزَوَّج؟ قال: ومن؟ قلت: إن شئتَ بِكْراً، وإنْ شئت ثيباً. قال: فمن البكر؟ قلت: ابنة أحب خلق اللَّه إليك: عائشة بنت أبي بكر. قال:
ومَنْ الثيب؟ قلت: سودة بنتُ زَمَعَةَ بن قيس، آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه.
قال: فاذهبي فاذكريهما عَلَيَّ. فجاءت فدخلت بيتَ أبي بكر، فوجَدَت أُم رومان أُمَّ عائشة، فقالت: أيْ أُمَّ رومان، ما أدخل اللَّه عليكم من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت:
أرسلني رسول اللَّه ﷺ أخطب عليه عائشة. قالت (٣):، وَددتُ، انتظري أبا بكر، فإنه آت. فجاءَ أبو بكر فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخل اللَّه عليكم من الخير والبركة! قال:
وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول اللَّه ﷺ أخطب عليه عائشة. قال: وهل تصلح له، إنما هي بنت أخيه. فرجعتُ إلى رسول اللَّه ﷺ فذكرت ذلك له، فقال: ارجعي وقولي له: أنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي. فأتت أبا بكر فقال: ادعي لي رسولَ اللَّه ﷺ. فجاءَ فأنكحه، وهي يومئذ بنت ست سنين، وقال رسول اللَّه ﷺ: ومن الثيب؟ قالت: سودة بنت زَمَعَة. قد آمنت بك واتبعتك. قال: اذهبي فاذكريها عَليَّ. قالت: فخرجتُ فدخلت على
(١) السرقة- بفتح السين والراء-: قطعة من جيد الحرير. (٢) في المطبوعة: «عن حاطب». والمثبت عن المصورة، ومسند الإمام أحمد: ٦/ ٢١٠، وانظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: ٤/ ٢/ ١٦٥ - ١٦٦. (٣) في المطبوعة: «قالت: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه، وددت … ». والمثبت عن المصورة. وانظر سياقة الحديث في مسند الإمام أحمد: ٦/ ٢١١.