فغضب وقال:«أنت علي كظهر أُمي». ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعةً، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: فقلت: كلا، والذي نفس خُويلة بيده لا تَخلُص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم اللَّه ورسوله فينا! (١). قالت: فواثبني وامتنعت منه، فغلبتهُ بما تغلب به المرأةُ الشيخَ الضعيفَ، فألقيته عني. قالت: ثم خَرَجْتُ إلى بعض جاراتي فاستعرتُ منها ثيابها، ثم خرجت حتى جئتُ رسول اللَّه ﷺ فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيتُ منه، وجعلت أشكو إليه ما أُلقي من سوء خُلُقه.
قالت: فَجَعَل رسولُ اللَّه ﷺ يقول: يا خُوَيلة، ابنُ عمّك شيخ كبير، فاتقي اللَّه فيه. قالت: فو اللَّه ما بَرِحت حتى نزل فيّ القرآن، فتغشَّى رسول اللَّه ﷺ ما كان يتغشاه، ثم سُرِّي عنه فقال: يا خويلة، قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبك. ثم قرأ عليّ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ … الآيات، إلى قوله: ﴿وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ قالت: فقال رسول اللَّه ﷺ: مُرِيه فليعتق رقبة. قالت: فقلت: واللَّه يا رسولَ اللَّه ما عنده ما يعتق! قال: فليصم شهرين متتابعين. قالت: فقلت: واللَّه إنه شيخ كبير، ما به من صيام. قال: فليطعم ستين مسكيناً وسْقاً (٢) من تمر. قالت: فقلت: يا رسول اللَّه، ما ذاك عنده! قالت: فقال رسول اللَّه ﷺ: فإنا سنعينه بعَرَق (٣) من تمر. قالت: فقلت:
يا رسول اللَّه، وأنا سأعينه بعَرق آخر. قال: فقد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً. قالت: ففعلت (٤).
ورواه يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق بإسناده، وقال: خولة بنت ثعلبة. ورواه جعفر ابن (٥) الحارث، عن ابن إسحاق، بإسناده فقال: خولة بنت مالك. ورواه محمد بن أبي حرملة (٦) عن عطاء بن يسار: أن خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت، وذكر نحوه.
ورواه أبو إسحاق السبيعي، عن يزيد بن زيد، عن خولة بنت الصامت … وذكر نحوه.
وأخرج ابن منده حديثها وترجم عليه:«خولة بنت الصامت». ويرد ذكره إن شاء اللَّه تعالى.
(١) في المسند «فينا بحكمه». (٢) الوسق: ستون صاعا. (٣) العرق: هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عرق وعرقة، بفتح الراء فيهما. (٤) مسند الإمام أحمد: ٦/ ٤١٠ - ٤١١. (٥) في المطبوعة والمصورة: «جعفر، عن عطاء بن الحارث». ولم نجد «عطاء بن الحارث» هذا. والمثبت عن الإصابة ٤/ ٢٨٣. وانظر ترجمة «جعفر بن الحارث» في الجرح لابن أبي حاتم: ١/ ١/ ٤٧٦. (٦) محمد بن أبي حرملة هذا مترجم في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: ٣/ ٢/ ٢٤١.