ولد عام أُحد، أدرك من حياة رسول اللَّه ﷺ ثماني سنين، نزل الكوفة.
أخبرنا يحيى بن محمود، وعبد الوهاب بن أبي حَبَّة بإسنادهما عن مسلم قال: حدثنا محمد ابن رافع، أخبرنا يحيى بن آدم، أخبرنا زُهَير، عن عبد الملك بن سعيد بن الأبجُرِ عن أبي الطُّفَيل قال: قلت لابن عباس: إني قد رأيت رسول اللَّه ﷺ. قال: فَصِفْه لي. قلت: رأيته عند المروة على ناقة وقد كَثُر الناسُ عليه - قال: فقال ابن عباس: ذاك رسولُ اللَّه ﷺ، إنهم كانوا لا يُدَعُّون عنه (١).
ثم إن أبا الطُّفَيل صَحِب عَلِيّ بن أبي طالب، وشهد معه مشاهده كُلَّها، فلما توفي علي بن أبي طالب ﵁ عاد إلى مكة فأقام بها حتى مات. وقيل: إنه أقام بالكوفة فتوفي بها. والأوّل أصح.
وهو آخر من مات ممن أَدرك النبي ﷺ:
روى حماد بن زيد، عن الجُرَيري، عن أبي الطفيل قال: ما على وجه الأرض اليوم أحد رأى النبي ﷺ غيري.
وكان شاعراً محسناً، وهو القائل (٢):
أَيدعُونَنِي شَيْخاً، وقد عِشْتُ حِقْبَةً … وَهُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ نَحوِي نَوَازِعُ
ومَا شَابَ رَأْسِي مِن سِنينَ تَتَابَعَتْ … عَلَيَّ، وَلَكِن شَيَّبَتْنِي الوَقَائِعُ
وكان فاضلاً عاقلاً، حاضرَ الجواب فصيحاً، وكان من شيعة علي، ويُثنى على أبي بكر وعمر وعثمان.
قيل إنه قدم على معاوية، فقال له: كيف وَجدُكَ عَلى خليلك أبي الحسن؟ قال: كوجد أُم موسى على موسى. وأشكو التقصير. فقال له معاوية: كنت فيمن حضر قتل عثمان؟ قال:
لا، ولكني فيمن حَصَره. قال: فما منعك من نصره؟ قال: وأنت فما منعك من نصره إِذْ (٣) تربصت به ريب المنون، وكنت في أهل الشام وكلهم تابع لك فيما تريد! قال معاوية: أو ما ترى طلبي بدمه؟ قال: بلى، ولكنك كما قال أخو جُعفِيّ (٤).
(١) تمامه: «ولا يكهرون». والدعّ: الدفع الشديد. والكهر: الانتهار.
والحديث أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب «استحباب الرمل في الطواف والعمرة وفي الطواف الأول في الحج»: ٤/ ٦٥.
(٢) الاستيعاب: ٤/ ١٦٩٧.
(٣) في المطبوعة: «أو تربصت». والمثبت عن المصورة والاستيعاب: ٤/ ١٦٩٧.
(٤) البيت لعبيد بن الأبرص، انظر ديوانه، ط بيروت: ٦٣. والشعر والشعراء لابن قتيبة: ٢٦٩.