النوع الثّالث: الجمل إذا جاءت بعد القول، حكيت: تقول: قال زيد: عمرو منطلق، وقلت: الله إله واحد، فإن جئت بمعنى الجملة نصبت، كمن قال: لا إله إلّا الله، فتقول: قلت حقّا. فأمّا قوله تعالى:«واذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا»(١) فعلى تقدير: أنزل خيرا (٢)، وقوله: ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣) على تقدير: هذه أساطير الأوّلين (٤)، ولو نصب لكانوا قد أقرّوا بالإنزال (٥). وأمّا قوله تعالي: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦) فهو منصوب بفعل مضمر، تقديره: سلمنا منكم سلاما (٧)، ولو ظهر لكان محكيا.
وأمّا قوله تعالي: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ (٨) فنصب الأوّل مثل قولك: قلت حقا، أو كأنّه بعض جملة محكيّة،
(١) ٣٠ / النّحل. (٢) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزّجّاج ٣/ ١٩٦ والأصول: ٢/ ٢٦٤. (٣) ٢٤ / النحل. (٤) فى معانى القرآن وإعرابه للزّجّاج ٣/ ١٩٤: «... و «أساطير» مرفوعة على الجواب، كأنّهم قالوا: الّذي أنزل أساطير الأوّلين .....». (٥) قال أبو جعفر النّحاس في إعراب القرآن ٢/ ٢٠٨: «... ولم يقرّوا أنّه أنزل شيئا؛ فلهذا كان مرفوعا». (٦) ٦٣ / الفرقان. (٧) في معاني القرآن وإعرابه للزجّاج ٤/ ٧٤: «أى نتسلّم منكم سلاما، لا نجاهلكم، كأنّهم قالوا: تسلّما منكم». وانظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٣٦ حيث قال مكّى: «نصب على المصدر، معناه تسليما، فأعمل القول فيه؛ لأنّه لم يحك قولهم بعينه، إنّما حكى معنى قولهم، ولو حكى قولهم بعينه لكان محكيا ولم يعمل فيه القول ...». (٨) ٦٩ / هود. هذا والآية في الأصل كتبت هكذا: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ وصحّتها ما أثبتّ. وأمّا الآية البادئة ب «لمّا» فى قصة إبراهيم فهى قوله تعالي: «ولمّا جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنّا مهلكو أهل هذه القرية ....» ٣١ / العنكبوت.