واختلفوا في «من» و «ما»: هل هما معرفتان أو نكرتان؟ فحكى المبّرد عن المازنيّ جواز الأمرين (٣)، وقال ابن السرّاج (٤) وابن جنّي (٥): هما نكرتان.
وأمّا «أيّ»: فبحسب ما تضيفها إليه، وإن أفردتّها كانت نكرة، وقيل:
إنّ إضافتها كإضافة مثل وغير، فلا يفيدها تعريفا (٦)، وهذه الأسماء لا يوصفن (٧)؛ لأنّهنّ لم يثبت لهنّ عين، وأجاز بعضهم وصفهنّ (٨).
الحكم الخامس: ما قبل الاستفهام لا يعمل فيه إلّا أن يكون ابتداء،
أو حرف جرّ أو إضافة؛ لأنّ رتبتهنّ أن يقعن صدرا، فأمّا قوله تعالى: * وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ * (٩) فإنه منصوب ب «ينقلبون». وقوله تعالى:
* لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى * (١٠) لم يعمل فيها «نعلم» لتقدّمه عليها، وأمّا قوله تعالى: * قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ * (١١) فإن كانت (ما)(١٢) موصولة عمل فيها «أتل»، وإن كانت استفهاما عمل فيها «حرّم».
ولا يجوز تقديم شيء ممّا بعد الاستفهام عليه، فلا تقول في: أزيدا ضربت؟: ضربت أزيدا؟، ونحو ذلك.
(١) ك: على، وهذا تصحيف. (٢) انظر: اللمع (٢٣١)، والتبصرة والتذكرة (١/ ٤٧٩). (٣) نقله ابن السراج عن المبرد في الأصول (٢/ ٢٠٥)، وانظر: الغرة لابن الدهان (٢/ ٢٧٩). (٤) الأصول (٢/ ٢٠٦، ٣٤٢). (٥) قال في اللمع (٢٣٠): (واعلم أنّ «من وما وأيّا» في الاستفهام نكرات غير موصولات). (٦) قال ابن الدهان في الغرة (٢/ ٢٨٣ آ): (ولا تتعرّف أيّ بالإضافة؛ لأنّ الصّلة تعرفها على حسب أخواتها، فإضافتها كإضافة مثل وغير). (٧) انظر: التبصرة والتذكرة (١/ ٥١٨). (٨) إذا وصفت خرجت من الاستفهام إلى النكرات الموصوفة. (٩) سورة الشعراء (٢٢٧). (١٠) سورة الكهف (١٢). (١١) سورة الأنعام (١٥١). (١٢) تكملة من (ك).