التصغير من خواصّ الأسماء، فلا يصغّر فعل ولا حرف، والّذى جاء فى تصغير فعل التعجب في قولهم: ما أميلحه فعلى تأوّل (١). وقد ذكرناه في أول الكتاب (٢).
وإنّما جئ به ليقوم مقام الوصف بالصّغر؛ اختصارا؛ فإنّ قولك:
جبيل قام مقام قولك: جبل صغير، ولهذا قيل لأعرابىّ: كيف تصغّر حبارى؟ (٣) فقال: حبرور (٤)، فأتى بالمعنى؛ لأنّ الحبرور ولد الحبارى.
والنّحاة يسمّونه «باب التصغير (٥)»، وباب «التحقير (٦)»؛ تسمية للشئ ببعضه، فإنّه يقع فى الكلام على أضرب:
الضرب الأول: التصغير، ويختصّ بالجثث؛ لأنه ضد الكبير، نحو:
جمل وجميل، وجبل وجبيل.
الضرب الثانى: التحقير، ويختصّ بما يظنّ عظيما؛ لأنه ضدّ التعظيم، نحو: ملك ومليك، ورجل ورجيل إذا أريد
الشجاعة.
(١) نقل سيبويه فى الكتاب (٢/ ١٣٥) عن الخليل قوله (... ولكنهم حقّروا هذا اللفظ وإنما يعنون الذى تصفه بالملح، كأنك قلت: مليّح، شبّهوه بالشئ الذى تلفظ به وأنت تعنى شيئا آخر، نحو قولك: يطؤهم الطريق، وصيد عليه يومان، ونحو هذا كثير فى الكلام، وليس شئ من الفعل ولا شئ مما سمى به الفعل يحقّر إلا هذا وحده وما أشبهه من قوله: ما أفعله). وقال ابن السراج فى الأصول (١/ ١١٧): (إن هذه الأفعال لما لزمت موضعا واحدا ولم تتصرف ضارعت الأسماء التى لا تزول إلى «يفعل» وغيره من الأمثلة فصغّرت كما تصغّر). وانظر: الأمالى الشجرية (٢/ ١٣١ - ١٣٢)، الإنصاف (١/ ٨١). (٢) ١/ ١٠. (٣) السائل هو: أبو الحسن الأخفش. انظر الخصائص (٢/ ٤٦٦). (٤) انظر الخصائص (٢/ ٤٦٦)، والغرة - لابن الدهان (٢/ ٢٤٠ آ). (٥) كسيبويه فى الكتاب (٢/ ١٠٥)، والفارسىّ فى التكملة (١٩٦)، وغيرهما لا سيّما نحاة البصرة. (٦) كابن السراج فى الأصول (٢/ ٣٩٤) (ر)، وغيره لا سيّما نحاة الكوفة.