وأمّا وسط القوم: فإن سكّنت السّين كان ظرفا، وإن فتحتها كان اسما تقول: جلست وسط الدّار، وضربت وسط رأسه، وقد جاءت ساكنة السّين اسما، وهو قليل، قال سيبويه: وليس كلّ مكان يحسن أن يكون ظرفا، فمن ذلك: أنّ العرب لا تقول: هو جوف البيت، ولا هذا داخل الدّار، ولا خارج الدّار، حتى تقول: هو فى جوفها، و: فى داخلها، و: فى حارجها، و: من خارجها (٢).
[الفرع الثانى: فى أحكامه]
الحكم الأوّل: قد اتّسعوا فى الأمكنة، كما اتّسعوا فى الأزمنة، فجعلوا ما ليس بمكان بمنزلة المكان، وهو فى أسماء مخصوصة، غير مقيسة، فمن ذلك قولهم:" هو منّى منزلة الولد"، أى: فى أقرب المواضع من قلبى، وإن لم ترد - الموضع، ومنه قولهم:" هو منّى منزلة الشّغاف"، و" مقعد القابلة" و" مناط الثّريّا"(٣)، و" مزجر الكلب (٣) "، و" معقد الإزار"، و" هما خطّان جنابتى أنفها (٣) "، يعنى الخطّين المكتنفين أنف الظبية، قال سيبويه:
وإنما يستعمل من هذا الباب ما استعملته العرب (٤)، قال ابن السّرّاج: فأمّا ما يرتفع من هذا الباب فقولك: هو منّى فرسخان، وأنت منّى ميلان، وأنت
(١) - انظر: ص ١٥٣. (٢) - انظر: الكتاب ١/ ٤١٠. (٣) - انظر: الكتاب ١/ ٤١٣. (٤) - انظر: الكتاب ١/ ٤١٤.