فإن قلت: تجويزك الفسخ للنفقة بتلك الأدلة العامة (١) يستلزم جوازه للعيوب؛ إذا كان يحصل التضرر بها على أحد الزوجين.
قلت: النفقة وتوابعها واجبة للزوجة على زوجها (٢) ، وليس ما يفوت
(١) • قلت: ولكنها لا تشمل موضع الخلاف؛ لأنها أوامر من الله - تعالى -، وقد علمنا من لطفه - تعالى - بعباده؛ أنه لا يأمر ولا يكلف من لا يستطيع، فهي موجهة إلى المستطيع القادر، فكيف يستدل بها على العاجز المعسر؟ {ولذلك لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم معاوية بن حيدة: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال صلى الله عليه وسلم: " أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت ... " الحديث؛ أخرجه أبو داود (١ / ٣٣٤) ، وابن ماجه (١ / ٥٦٨) ، وأحمد (٥ / ٣) بسند صحيح، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه "؛ كما في " الترغيب " (٣ / ٧٣) . فمفهوم قوله عليه السلام " إذا طعمت ... ، إذا اكتسيت ... ": أنه إن لم يجد ما يطعم ويكتسي؛ فلا حق لها عليه، فبم يفسخ إذن بينهما؟} ولذلك؛ فإني أرى خلاف ما ذهب إليه الشارح تبعا للشوكاني (٦ / ٢٥٧ - ٢٧٧) ، وهو ما رواه غير واحد عن الحسن؛ في الرجل يعجز عن نفقة امرأته؟ قال: تواسيه، وتتقي الله - عز وجل -، وتصبر، وينفق عليها ما استطاع. وهو مذهب ابن حزم في " المحلى " (١٠ / ١٠٩) ؛ ويؤيده ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: " إنما هن عوان عندكم ... "؛ قال الشوكاني: " أي: حكمهن حكم الأسرى؛ لأن العاني: الأسير، والأسير لا يملك لنفسه خلاصا من دون رضا الذي هو في أسره؛ فهكذا النساء. ويؤيد هذا حديث: " الطلاق لمن أمسك بالساق "؛ فليس للزوجة تخليص نفسها من تحت زوجها؛ إلا إذا دل الدليل على ذلك ". قلت: وقد علمت مما تقدم أن دليل الفسخ بالإعسار غير قوي؛ فلا يصلح لاستثناء هذه المسألة من الحديث؛ فتأمل { وخلاصة القول؛ أنني لا أرى التفريق {بين المرء وزوجه} لإعساره؛ بل على الحاكم أن يأمر - بالإنفاق عليها - ولي أمرها بعد زوجها، فإن لم يكن لها؛ فالسلطان أو من يقوم مقام وليها، فهو ينفق عليها من بيت مال المسلمين، حتى يوسر زوجها، والله - عز وجل - يقول: {سيجعل الله بعد عسر يسرا} . (ن) (٢) • قلت: هذا إنما يقال عند الاستطاعة، وليس البحث فيه؛ فتأمل} (ن)