أقول: استدلوا للجواز بأحاديث الإذن العام بالزيارة، وغير خاف على عارف بالأصول؛ أن الأحاديث الواردة في النهي للنساء عن الزيارة، والتشديد في ذلك، حتى لعن [صلى الله عليه وسلم] من فعلت ذلك؛ بل وردت أحاديث صحيحة في نهيهن عن اتباع الجنائز (١) ، فزيارة القبور ممنوعة منهن بالأولى، وشدد في ذلك حتى قال للبتول - رضي الله عنها -: " لو بلغت معهم - يعني: أهل الميت - الكدى؛ ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك "(٢) ؛ فهذه الأحاديث مخصصة لأحاديث الإذن العام بالزيارة.
لكنه يشكل على ذلك أحاديث أخر:
منها: حديث عائشة المتقدم: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] علمها كيف تقول إذا زارت القبور (٣) .
ومنها: ما أخرجه البخاري: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] مر بامرأة تبكي على قبر، ولم ينكر عليها الزيارة.
(١) • قلت: لكن في " البخاري " وغيره: أنه لم يعزم عليهن، فقول المؤلف: إن زيارتهن ممنوعة بالأولى؛ غير مسلم، وبيانه ليس هذا محله. (ن) قلت: فانظر " أحكام الجنائز " (ص ٩٠) . (٢) رواه الحاكم (جزء ١: ص ٣٧٤) ، ولم يذكر فيه أن المرأة فاطمة، بل أبهم المرأة. ونسبه الشوكاني في " نيل الأوطار " جزء (١: ص ١٦٠ - طبعتنا) لأبي داود. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. (ش) • قلت: وليس كما قالا؛ بل إن الذهبي في بعض كتبه مال إلى أن الحديث موضوع، وقد تكلمت على ذلك مفصلا في " التعليقات " (٣ / ٥٥ - ٥٧) . (٣) • قلت: وكذا حديثها عند الحاكم (١ / ٣٧٦) . وهذا هو الحق؛ كما بينته في " التعليقات " (٣ / ٥٣ - ٥٧) . (ن)