وأخرج الحاكم في ترجمة مرثد الغنوي، عنه [صلى الله عليه وسلم] : " إن سركم أن تقبل صلاتكم؛ فيؤمكم خياركم؛ فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم "(١) .
قال في " منح المنة ": وكان [صلى الله عليه وسلم] يجيز إمامة الأرقاء، وكان سالم - مولى أبي حذيفة - يصلي بالمهاجرين الأولين لما نزلوا بقباء (٢) لكونه أكثرهم قرآنا، وكان [صلى الله عليه وسلم] يقول: " صلوا خلف كل بر وفاجر "(٣) ، وكانت الصحابة يصلون خلف الحجاج (٤) ، وقد أحصي الذين قتلهم من الصحابة والتابعين، فبلغوا مئة ألف وعشرين ألفا. اه.
أقول: الأحاديث الواردة - في الصلاة خلف كل بر وفاجر، وما قابلها من الأحاديث المقتضية للمنع من الصلاة خلف الفاجر، ومن كان ذا جرأة -: لم يبلغ منها شيء إلى حد يجوز العمل عليه، فوجب الرجوع إلى الأصل.
وأما عدم اعتبار قيد العدالة: فلعدم ورود دليل يدل عليه.
وأما كون الصلاة خلف كامل العدالة، واسع العلم، كثير الورع؛ أفضل وأحب: فلا نزاع في ذلك؛ إنما النزاع في كون ذلك شرطا من شروط الجماعة، مع أنه قد ثبت ما يدل على عدم الاعتبار، مثل حديث:" يصلون لكم؛ فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فعلى أنفسهم " - أو كما قال -، وهو حديث صحيح.
(١) انظر المرجع السابق (١٨٢٣) . (٢) في " المصباح ": " موضع بقرب مدينة النبي [صلى الله عليه وسلم] من جهة الجنوب، نحو ميلين، وهو بضم القاف؛ يقصر ويمد، ويصرف ولا يصرف ". (ش) (٣) حديث ضعيف؛ رواه الدارقطني (٢ / ٥٧) ، وفي سنده متروك. (٤) انظر " شرح العقيدة الطحاوية " (٤٧٩) لابن أبي العز الحنفي.