وكذلك أدخلوا" اللام" في خبر" كان" دون أخواتها، كقولك: ما كان زيد ليقوم، وهذا إنّما يتّبع فيه السّماع.
الحكم السّابع: لم يفصلوا بين هذه الأفعال وبين معمولها بأجنبيّ، إلّا أن يكون ظرفا أو حرف جرّ؛ تقول: كان خلفك زيد قائما، وكان في الدّار زيد جالسا. فأمّا قولهم: كانت زيدا الحمّى تأخذ، ففي" كانت" ضمير القصة، و" الحمّى" مبتدأ؛ لئلّا يقع الفصل، فإن لم يقدّر الضمير (١) لم يجز؛ للفصل، فإن قدّمت الخبر جميعه فقلت: كانت تأخذ زيدا الحمّى، جاز أن تكون" الحمّى" اسم" كانت" ويجوز:/ تأخذ زيدا كانت الحمّى، فأمّا كانت زيدا تأخذ الحمّى، فظاهر كلام سيبويه المنع (٢) منها؛ لأنّه أنشد (٣):
فأصبحوا والنّوى عالى معرّسهم ... وليس كلّ النّوى يلقى المساكين
وقال: فلا يجوز أن تحمل" المساكين" على" ليس" فترفع، وقد قدّمت فجعلت الشّيء الّذى يعمل فيه الفعل الآخر يلى الأوّل، وهذا لا يجوز، وتقدير البيت: وليس الشّأن والقصّة يلقى المساكين كلّ النّوى، ولكنّ هذا المضمر لا يظهر.
(١) انظر: الأصول ١/ ٨٦. (٢) الكتاب ١/ ٧٠. (٣) لحميد الأرقط. وانظر أيضا: المقتضب ٤/ ١٠٠ والأصول ١/ ٨٦ والتبصرة ١٩٣ وأمالي ابن الشجريّ ٢/ ٢٠٣، ٢٠٤. المعرّس: التعريس: النّزول آخر الليل، والمعرّس موضع التعريس، وعرّس المسافر: نزل في وجه السّحر. يقول: أكلوا كثيرا من التمر، وألقوا كثيرا من النّوى، ولكنهم لجوعهم لم يلقوا إلا بعضه