أنّ الشّكّ يسرى في «أو» من آخر الكلام إلى أوّله، و «إمّا» تبتدئ بها شاكا، تقول: جاءني إمّا زيد وإمّا عمرو، و: اضرب إمّا زيدا وإمّا عمرا، ومنه قوله تعالى: إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (١)، وقوله عزّ من قائل: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (٢). وسيبويه (٣) يذهب إلى أنّها مركّبة من «إن» و «ما» وغيره (٤) يزعم أنّها مرتجلة، وقد اختلف فيها.
فذهب/ الزّجّاج (٥) والفارسيّ (٦) وغيرهما (٧) إلى أنّها ليست حرف عطف؛ لدخول واو العطف عليها، وللابتداء بها فى أوّل الكلام، من غير معطوف عليه. وقال قوم (٨): إنّ الثانية حرف عطف، دون الأولى، وقال آخرون (٩):
إنّ الأولى والثانية حرفا عطف.
(١) ٣ / الإنسان. (٢) ٤ / محمد، صلّى الله عليه وسلّم. (٣) انظر: الكتاب ٣/ ٣٣١ - ٣٣٢. (٤) انظر: الرّضي علي الكافية ٢/ ٣٧٢ والجني الداني ٤٩٠ والهمع ٥/ ٢٥٥. (٥) لم أعثر على هذا الرأي للزجاج فيما تيسّر لى من كتب النحو المتداولة. (٦) انظر: الإيضاح العضديّ ١/ ٢٨٩ والمسائل البغداديات ٣١٨ والشعر ٧ - ٨. (٧) نسب ذلك أيضا إلي يونس وابن كيسان. انظر: الجنى الدانى ٤٨٧. (٨) منهم الصّيمريّ، قال في التبصرة ١٣٩: «... والعاطفة هي الثانية منهما فأمّا الأوّلى فللإيذان بالمعنى الذي يبنى عليه الكلام من الشك وغيّه. (٩) كذا، والذي في المصادر المعتمدة: أنّه لا خلاف في أنّ «إمّا» الأولي ليست عاطفة، والخلاف في إمّا الثّانية انظر: البسيط لابن أبي الرّبيع ٣٣١ والجني الدّاني ٤٨٨ والمغني ٥٩ - ٦٠. هذا، وفي الرضي علي الكافية ٤/ ٤٠٣ (تحقيق د/ يوسف عمر) ان ابن الحاجب جوّز أنّ «إمّا» الأولى والثانية معا حرفا عطف، ونقله أيضا الرضي عن الأندلسىّ.