ولهذا قيل في قولهم: ما زيد إلا قائم: ما زيد شيئا من الأشياء إلا هذا، تقديرا، ولأنّك تقول: ما قام إلّا هند، فلولا هذا المقدّر لأظهرت علامة التّأنيث فقلت: ما قامت إلا هند، وهذه التّاء لا تظهر إلّا في الشّعر، كقوله (١):
فما بقيت إلا الضّلوع الجراشع
فعلمت أنّ المستثنى - في هذا الباب - معمول الفعل المفرّغ.
وقد أجاز قوم: ما قام إلا زيدا، وأنشدوا (٢):
(١) هو ذو الرّمّة. انظر: ديوانه ١٢٩٦. وصدر البيت قوله: طوى النّحز والأجراز ما في غروضها وهو من شواهد ابن جنّي في المحتسب ٢/ ٢٠٧ وانظر أيضا: ابن يعيش ٢/ ٨٧ وشرح الأشموني ٢/ ١٣٢. النحز: الدفع والنّخس. الأجراز: جمع جرز - بضم الجيم والرّاء -، وهي الأرض التي لا تنبت. الغروض: جمع غرض، وهو الحزام الذي يشدّ به الرّحل، وما في غروضها: هو بطنها وما حوله. الجراشع: جمع جرشع - بضم الجيم وسكون الراء وضم الشين - وهو المنتفخ. يقصد أن السّير الطويل أتى على لحمها وشحمها بل على ضلوعها بحيث لم يبق إلا الضّلوع القويّة. (٢) لعروة بن حزام. انظر ديوانه ٤. وانظر: أمالى القالى ٣/ ٦٠: برواية: وما لي والرحمن غير ثمان وانظر أيضا: الخزانة ٣/ ٣٧٥. عفراء: محبوبته. قال البغداديّ في الخزانة ٣/ ٣٧٥ - ٣٧٦:" والبيت قد تحرّف على من استشهد به، وروايته هكذا: يكلّفني عميّ ثمانين بكرة ... وما لي يا عفراء غير ثمان وروي أيضا: يكلفني عمي ثمانين ناقة ... وما لى والرحمن غير ثمان وعلى هذا فالاستثناء على الطريقة المألوفة".