لمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من القربات، ويكون قوله:"ليس من البر الصوم في السفر" منزلاً على مثل هذه الحالة.
لكن المانعون من الصوم في السفر يقولون: اللفظ عام، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ويرد عليهم فعله -عليه الصلاة والسلام- فيه ولا عذر لهم عنه ولا تأويل.
قال الشيخ (١) تقي الدين: ويجب أن تتنبه للفرق بين دلالة السياق والقرائن الدالة على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم, وبين مجرد ورود العام على سبب [ولا تجرهما](٢) مجرى واحداً، فإن مجرد ورود العام على السبب لا يقتضي التخصيص كقوله -تعالى-: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}(٣)، فإنها نزلت بسبب سرقة رداء صفوان [و](٤) لا يقتضي التخصيص به بالضرورة والإِجماع [و](٥)، أما السياق والقرائن فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه. وهي المرشدة إلى بيان المجملات، وتعيين المحتملات، فاضبط هذه القاعدة، فإنها مفيدة في مواضع
(١) إحكام الأحكام (٣/ ٣٧١). (٢) في إحكام الأحكام (٣/ ٣٧١) (ولا تجريهما). (٣) سورة المائدة: آية ٣٨. (٤) في إحكام الأحكام (٣/ ٣٧١) (وأنه). (٥) هذه غير موجودة في إحكام الأحكام (٣/ ٣٧٢).