وعِنْدَ مالكٍ أن أبا أَيُّوب وَجَد غِلْمانًا قَدْ ألجَؤُوا ثَعْلَبًا إلى زاوِيةٍ فَطَرَدهم عَنْهُ. قال مالِكٌ: لا أَعْلَمُ إلَّا أنَّهُ قالَ: أفي حَرَمِ رسُولِ الله - صلّى اللّه عليه وسلَّم - يُصْنَع هذا (١).
وعِنْدَ رُزين مِنْ حَدِيثِ جابِرٍ - رَضِيَ الله عَنْهُ - يَرْفَعُهُ:"إنَّ إبراهيم عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حَرَّمَ مَكَّةَ، وأَنا حَرَّمْتُ المدِينَةَ؛ ما بَينَ لابَتَيْها لا يُقْطَعُ عَضَاضُها (٢)، ولا يُصَادُ صَيْدُها" رواهُ مُسْلم مُخْتَصَرًا ومُطَوَّلًا (٣). والأحادِيثُ كَثِيرَةٌ قَدْ ذُكِرَت في بابِ فَضائِلِ المدِينَةِ فلتُنظرْ هناك، إن شاء الله تعالى.
قال ياقُوتُ: الحرمَانِ بفتْحَتَيْن: مَكَّةُ والمدينة، والحِرْمانِ بالكَسْرِ: واديان باليَمنِ يُنْبِتَانِ السِّدْرَ والسَّلَمَ يَصُبَّانِ في بَطْنِ اللَّيثِ.
والنِّسْبَةُ إلى الحَرَمِ: مُحَرَّكةً حِرْمِيٌّ، بِكسْرِ الحاءِ وسُكُونِ الرَّاءِ، والأنْثَى حِرْميَّةٌ على غَيْرِ قِياس. ويُقَالُ في النِّسْبَةِ أيضًا: حُرْمِيٌّ، بالضَّمِّ، كأنَّهُمْ نَظَرُوا إلى حُرْمَةِ البَيْتِ، كذا حكاهُ المُبَرِّدُ في الكامِلِ (٤).
وَحَرَمِي بالتَّحْرِيك: على الأصْلِ أيضًا، وأَنْشَدَ راوي الكَسْرِ:
لا تَأوِينَّ لِحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ بِهِ … يَوْمًا، ولو أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النَّارِ (٥)
= المدينة والصبر على لأوائها، رقم: ١٣٧٥، ٢/ ١٠٠٣. (١) أخرجه مالك، في الجامع، باب ما جاء في تحريم المدينة ٢/ ٨٩٠. (٢) العَضاض: ما غَلُظَ من النَّبت، والشجر الغَلِيظ الذي يبقى في الأرض. اللسان (عضض) ٧/ ١٨٩. (٣) رواه مسلم، في الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة، رقم: ١٣٦٢، ٢/ ٩٩٢. لكنه قال: (عضاهها) بدل: (عضاضها). (٤) الكامل ص ١٢٩٥. (٥) نُسب البيت للأعشى في (المحكم) لابن سيده ٣/ ٢٤٥، وهو ليس في ديوانه، تحقيق د/ محمد محمد حسين. والبيت من غير نسبة في التهذيب ٥/ ٤٤.