قال: اعمل لي كلَّ ليلةِ جُمعةٍ قصعة طعامٍ للفقراء، وكانوا يجتمعون عنده للذِّكر، فآتيه بذلك الطَّعام الذي دون شِبَع ثلاثة فيقدِّم لهم، فيأكل منه أكثرُ من عشرين نفساً.
قال: ولايَزالُ يُنفق مما يعطينا حتى نَمَلَّ، ثمَّ نأخذُ البقية بعد ذلك كلِّه.
مات سنة أربعٍ وستين وسبعمائة /٥١٧ عن وصيةٍ وصدقةٍ بِجميع ما يَملكه حتى بفراشه من تَحته.
كان في ابتداء أمره وزيراً بالأندلس من بيت الوزارة، وكان وَرِثَ من والده مالاً جزيلاً، فأعرض عن الكلِّ، واستصحب من أجلِّ ماله جملةً صالحة، وكان يقتات منه ولا يأكل من غيره أبداً، ولا يضيف من الخلق أحداً، وهو مُكِبٌّ على محافظة الوقت والتزامه، والمواظبة على صيامه وقيامه، ولزوم طريق الانقطاع، والاعتزال عن الخلق وترك الاجتماع، خصَّه الله بِمواهبَ عَلية، وأظهر عليه آثار العناية الأزلية، توفي سنةَ ثلاثين وسبعمائة، رحمة الله عليه.
٧٧ - مُحيي الدِّين الخُوَارِزْميُّ (٢)، تَفَقَّه على الحافظ محبِّ الدِّين الطبري (٣) بِمكَّة، ثمَّ اختار مجاورة المدينة فجاور بِها عشرين سنةً على قدمٍ
(١) معجم الشيوخ للذهبي ٢/ ٢٧٢، الوافي بالوفيات للصفدي ١/ ٢٣٦، الدرر الكامنة ٤/ ١٧٨، نصيحة المشاور ص ٩٠. (٢) نصيحة المشاور ص ٩٤، وفيه: (الحوراني) بدل (الخوارزمي). (٣) أحمد بن عبد الله، شيخ الحرم، وحافظ الحجاز، تفقه على مجد الدين القشيري، وسمع الحديث من ابن المُقَيَّر، وابن الجُمَّيزي، من مؤلفاته: "الرياض النضرة في فضائل العشرة"، توفي سنة ٦٩٤ هـ. تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٧٤، طبقات الشافعية الكبرى ٨/ ١٨.