قلوبهم من الرعب، فانصرفوا خائبين، لم يصيبوا خيرًا في الدنيا من الظفر والمغنم، ولا في الآخرة بما تحملوه من الآثام في مبارزة رسول الله ﷺ ومعادة دينه، فكفى الله وحده المؤمنين، ونصرهم، قال تَعَالَى: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ [الأحزاب: ٢٥]، وقال رسول الله ﷺ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ»(١)، (٢).
- وكفاهم بعد الأحزاب قتال قريش وغزوهم، فوُضعت الحرب بينهم وبين قريش، فلم تغز قريش بعد ذلك، بل كان المسلمون هم من يغزونهم حتى فتحوا مكة، قال تَعَالَى: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾، وقال رسول الله ﷺ بعد الأحزاب:«لَنْ تَغْزُوَكُمْ قُرَيْشٌ بَعْدَ عَامِكُمْ هَذَا، وَلَكِنَّكُمْ تَغْزُونَهُمْ»(٣)، وقال أيضًا:«الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُوننَا»(٤)(٥).
- وكفاه شر اليهود والنصارى الذين قالوا: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾ [البقرة: ١٣٥]، فقتل منهم بني قريظة وسبى ذراريهم وقسم أموالهم، وأجلى منهم بني قينقاع، وبني النضير وأخرجهم من حصونهم الحصينة التي ما طمع فيها المسلمون، وظنوا- بنو النضير- أنها مانعتهم من بأس الله، فلم تغن عنهم من الله شيئًا (٦)، وأذل بعضهم وأخزاهم بالجزية والصغار، فتبارك
(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث (٤١١٤)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٧٢٤). (٢) ينظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٢٤٢)، تفسير ابن كثير (٦/ ٣٩٦)، تفسير السعدي (ص: ٦٦٢). (٣) السيرة النبوية، لابن كثير (٣/ ٢٢١). (٤) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤١١٠). (٥) ينظر: تفسير ابن كثير (٦/ ٣٩٦). (٦) ينظر: تفسير ابن كثير (٨/ ٥٧).