جوارحه انقيادًا وطاعة، والشكر مبني على خمس قواعد: خضوع الشاكر للمشكور، وحبه له، واعترافه بنعمته، وثناؤه عليه بها، وأن لا يستعملها فيما يكره، فهذه الخمس: هي أساس الشكر وبناؤه عليها، فمتى عدم منها واحدة: اختل من قواعد الشكر قاعدة» (١).
وقد أمر الله تَعَالَى عباده الذاكرين أن يكثروا من ذكره، ويداوموا على شكره، فقال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢]
يقول السعدي ﵀ في هذه الآية:«﴿وَاشْكُرُوا لِي﴾، أي: على ما أنعمت عليكم بهذه النعم، ودفعت عنكم صنوف النقم، والشكر فيه بقاء النعمة الموجودة، وزيادة في النعم المفقودة، قال تَعَالَى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧]»(٢).
[الأثر الخامس: المحافظة على هبات الوهاب من الفقد]
إن السلب بعد العطاء، والنقصان بعد الزيادة شيء ثقيل على النفس، وهو الحور الذي استعاذ منه النبي ﷺ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ ﵁ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ»(٣)، والحور هو: النقصان، والكور هو: الزيادة، وكان من هديه ﷺ في الدعاء أن يقول- أيضًا-: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ
(١) مفهوم الشكر عند ابن تيمية (١/ ٢٥). (٢) تفسير السعدي (ص: ٧٤). (٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٣٤٣).