ودخل هشام بن عبدالملك الكعبة، فإذا هو بسالم بن عبدالله، فقال له: يا سالم سلني حاجة، فقال له: إني لأستحيي من الله أن أسأل في بيت الله غير الله، فلما خرج خرج في أثره، فقال له: الآن قد خرجت، فسلني حاجة، فقال له سالم: حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: بل من حوائج الدنيا، فقال له سالم: ما سألت من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها (١).
ومن هنا كان سؤال المخلوق مذمومًا، ووبالًا على صاحبه يوم القيامة إن كان من غير حاجة؛ فعن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال:«لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»(٢).
وقد تكفل رسول الله ﷺ بالجنة لمن ترك السؤال، فعن ثوبان ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ تَكَفَّلَ لِى أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟ فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل الناس شيئًا»(٣)، فحري بالعبد أن يزهد في سؤالهم، ويرغب في باب ربه الصمد.
[الأثر السابع: دعاء الله باسمه الصمد]
إن يقين العبد باسم الله «الصمد» الذي تصمد إليه الخلائق كلها، وتقصده بالدعاء في الشدائد والمسرات ومختلف الأحوال، يدعو العبد إلى قصد باب
(١) المصدر السابق (١/ ٣٥٣). (٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٠٤٠). (٣) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٢٢٨٠٧)، وأبو داود، رقم الحديث: (١٦٤٣)، وابن ماجه، رقم الحديث: (١٨٣٧)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن أبي داود، رقم الحديث: (١٦٤٣).