التي سبق ذكرها، وفي الحديث يقول ﷺ:«واعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ، وَعِزَّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ»(١)، ويقول الحسن البصري ﵀:«لم أجد من العبادة شيئًا أشد من الصلاة في جوف الليل، فقيل له: ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوهًا؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره»(٢).
ولمنزلة أهل القيام عند ربهم قال الله تَعَالَى عنهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: ١٦]،
وتلا رسول الله ﷺ هاتين الآيتين لمعاذ ﵁ في معرض جوابه عن سؤاله:«أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار»، وقد جاء في هذا الحديث قوله ﷺ:«أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الماءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثم تلا: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ حَتَّى بَلَغَ: «يَعْمَلُونَ»» (٣).
ولفظ الآية عام في كل عبادة ودعاء في الليل، ولكن النبي ﷺ خص قيام الرجل في جوف الليل؛ لأن صلاة الليل هي أفضل نوافل الصلاة، كما في قوله ﷺ:«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ»(٤).
(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، رقم الحديث: (١٠٠٥٨)، حكم الألباني: حسن، صحيح الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (٧٣). (٢) مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة (ص: ٦٧). (٣) أخرجه أحمد، رقم الحديث (٢٢٠١٦)، والترمذي، رقم الحديث (٢٦١٦) والنسائي في الكبرى، رقم الحديث (١١٣٣٠)، ابن ماجه، رقم الحديث: (٣٩٧٣)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف ابن ماجه، رقم الحديث: (٣٩٧٣). (٤) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١١٦٣).