فقوله ﷺ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» يدل على طهارة الهرة وسؤرها.
[المبحث الرابع: طهارة بدن الحيوان المركوب كالحمار والبغل]
ذهب جمهور العلماء إلى طهارة بدن الحمار والبغل، وبه قال المالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد (١).
واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨].
فسَخَّر الله الخيل، والبغال، والحمير لتركب، ولا شك أن من ركبها فإنه قد يصاب من عرقها ولعابها، ولو كانت نجسة لما أباحها الله لهم.
قال ابن قدامة: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي: طَهَارَةُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَرْكَبُهَا، وَتُرْكَبُ فِي زَمَنِهِ، وَفِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُمَا لِمُقْتَنِيهِمَا. فَأَشْبَهَا السِّنَّوْرَ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «إنَّهَا رِجْسٌ». أَرَادَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ (٢). قلت: أي أكلها.
وذهب الحنابلة في المشهور عنهم إلى أن الحمار والبغل نجسان (٣).
واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث أنس ﵁: إِنَّ الله وَرَسُولَهُ يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ (٤).
واعترض عليه بأن المنهي عنه أكل لحم الحمر، وقوله: «فَإِنَّهَا رِجْسٌ» أي: أكل لحوم الحمر. أما أبدان الحمر وعرقها فهي طاهرة، وكذا البغال.
(١) «التاج والإكليل» (١/ ٩١)، و «المجموع» (٢/ ٥٩٠)، و «الإنصاف» (١/ ٣٤٢).(٢) «المغني» (١/ ٤٤).(٣) «شرح الزركشي» (١/ ١٤٢).(٤) البخاري (٤١٩٨)، ومسلم (١٩٤٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute