[القسم الثاني يكره للجنب الاغتسال في الماء الدائم]
اختلف العلماء في حكم اغتسال الجنب في الماء الدائم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يحرم اغتسال الجنب في الماء الدائم، وهو قول لأبي حنيفة وابن حزم (١). واستدلوا بما روى مسلم من حديث أبي هريرة، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ»(٢) فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ:«يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا» والنهي عن الاغتسال للتحريم.
القول الثاني: ذهب جمهور العلماء إلى كراهة اغتسال الجنب في الماء الدائم، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٣).
واستدلوا بأن بدن الجنب طاهر لاقى ماء طاهرًا فانصرف النهي من التحريم إلى الكراهة.
القول الثالث: يجوز اغتسال الجنب في الماء الدائم ما لم يَبُل فيه، فإذا بال فيه منع من الاغتسال (٤). واستدلوا بما روى البخاري عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول:«لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ»(٥).
واستدلوا بالنهي عن البول والاغتسال معًا، أي: نهى عن الجمع بينهما.