واستدلوا بما ورد عن عليٍّ قال:«مَا كُنْتُ أَرَى بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ إِلَّا أَحَقَّ بِالْغَسْلِ، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ»(١).
القول الآخر: قال مالك: إنْ مَسَح الأعلى فقط وصلى يعيد الصلاة ما دام في الوقت، فإن خرج الوقت أجزأه (٢).
دل على ذلك حديث المغيرة:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أَسْفَلَ الْخُفِّ وَأَعْلَاهُ»(٣). واعترض عليه بأنه لا يصح عن رسول الله.
والراجح: هو أنه يمسح أعلى الخف ولا يمسح أسفله (باطنه) لقول علي: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ»، والله أعلم.
المبحث الثالث: هل يمسح الخفين معًا كالأذنين، أم تُقدم اليمنى على اليسرى؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: يمسح الخفين معًا كالأذنين، وهو قول الحنفية والمشهور عن الحنابلة (٤).
(١) رجاله ثقات: أخرجه أبو داود (١٦٣)، وهناك بعض الأحاديث الأخرى التي استدلوا بها تدل على أن النبي ﷺ كان يمسح ظاهر الخف، وأعرضت عنها لضَعْفها ولعدم الإطالة. (٢) انظر «المدونة» (١/ ١٤٢)، وهو مذهب الشافعي، انظر «الأم» (٨/ ١٠٣). (٣) ضعيف: ومدار الحديث على ثور عن رجاء عن كاتب المغيرة، فرواه الوليد بن مسلم عن ثور عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة به، أخرجه أحمد (٤/ ٢٥١). ولهذا الحديث علتان: الأولى: الإرسال، فرواه ابن المبارك عن ثور قال: حُدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي ﷺ مرسلًا، والوليد مدلس تدليس تسوية ولم يصرح إلى نهاية السند، وابن المبارك أوثق منه، فالصحيح فيه الإرسال. العلة الثانية: عن ثور قال: (حُدثت عن رجاء) فهنا انقطاع بين ثور ورجاء، وقد ضَعَّف هذا الحديث البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وأحمد والدارقطني والترمذي وأبو داود وغيرهم. انظر «العلل للترمذي» (١٤٢٤)، و «العلل للدارقطني» (١/ ١١٠)، و «العلل لابن أبي حاتم (١/ ٥٤)، و «التلخيص الحبير» (١/ ١٥٩). (٤) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٦٧)، و «الإنصاف» (١/ ١٨٥).