واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ»(٢).
واعترض عليه بأن المضمضة والاستنشاق والاستنثار سنة لأن الفروض ذكرت في آية المائدة: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] وليست المضمضة والاستنشاق والاستنثار في الآية، وقد روى مسلم عن عُثْمَانَ بْن عَفَّان، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ».
فالراجح أن الاستنثار سنة.
[المطلب السابع: استحباب الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة]
دل على ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث وُهَيْبٌ، قال: حدثنا عَمْرٍو بن يحيى، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، وفيه:«ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ»(٤).
(١) «فتح الباري» في شرح حديث (١٦١). (٢) «البخاري» (١٦٢)، و «مسلم» (٢٣٧). (٣) «المحلى» (١/ ٢٩٦). (٤) «البخاري» (١٩٢)، و «مسلم» (٢٣٥).