المبحث الثاني
لا يحرم على الجنب والحائض مس المصحف
ذهب جمهور العلماء إلى أنه يحرم على المحدث مس المصحف، وهو قول الأئمة الأربعة (١).
واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ٧٧ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ٧٨ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩﴾ [الواقعة: ٧٩].
وجه الدلالة: إنه لقرآن كريم لا يمسه إلا طاهر من الحدث الأصغر والأكبر، فدل ذلك على حرمة مس المصحف للمحدث، سواء كان حدثًا أصغر أم أكبر.
واعترض عليه: بأن المراد بالمطهرون: الملائكة، والضمير في قوله ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ يعود إلى الكتاب المكنون وهو أقرب مذكور.
قال ابن المنذر: قال أنس (٢) وابن جبير ومجاهد والضحاك وأبو العالية: المراد بالآية: الملائكة (٣).
قلت: وهو قول ورد عن ابن عباس (٤).
وعن مجاهد قال: القرآن: كتابه المكنون: الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار، لا يمسه
(١) «شرح فتح القدير» (١/ ١٦٨)، «بدائع الصنائع» (١/ ٣٣ - ٣٤)، «مختصر خليل» (ص ١٤)،، مغني المحتاج (١/ ٣٦)، «المجموع» (٢/ ٧٧)، «الإنصاف» (١/ ٢٢٢)، «المغني» (١/ ٢٠٢).(٢) أخرجه ابن المنذر وسعيد ين منصور عن أنس ﵁ ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩﴾ قال: الملائكة ﵈. عن أبي الأحوص عن عاصم الأحول عن أنس. وسنده حسن.(٣) «الأوسط» (١/ ١٠٣) والطبري في «تفسيره» (٢٣/ ١٥٠)، وثبت عن ابن مجاهد وأبي العالية.(٤) «تفسير الطبري» (١١/ ٦٥٩)، وإسناده ضعيف؛ لضعف حكيم بن جبير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute