بأن اليد طاهرة، و قوله ﷺ:«فَلَا يَغْمِسْ» تُحمل على الاستحباب والصارف: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، والشك لا يقضي على اليقين.
و كون النبي ﷺ أرشد إلى غسل اليد ثلاث مرات قبل غمسها في الإناء - قرينة على أن الغسل ليس بواجب؛ لأن الواجب مرة.
قال ابن القيم: القول بنجاسته من أشذ الشاذ (١).
(١) «تهذيب السنن» (١/ ٦٩). وذهب أحمد في رواية والظاهرية إلى أن غسل اليد واجب، واستدلوا بعموم قوله في الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا»، والأصل في النهي التحريم. واعترض عليه من وجوه: الأول: بأن هناك صارفًا للوجوب وهو عموم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ … ﴾ [المائدة: ٦]، ذكرت فرائض الوضوء ولم يذكر فيها غسل اليد، وروى مسلم من حديث عثمان: «مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ». الثاني: ما قاله ابن دقيق: الأمر وإن كان ظاهره الوجوب إلا أنه يُصرف عن الظاهر لقرينة، وقد دل الدليل وقامت القرينة، فإنه علل بأمر يقتضي الشك، وهو قوله: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». والقواعد تقتضي أن الشك لا يقتضي وجوبًا في الحكم، إذا كان الأصل المستحب على خلافه موجودًا، والأصل الطهارة في اليد فلتستصحب. الثالث: لَمَّا أرشد النبي ﷺ إلى غسل اليد ثلاثًا، عُلم أنه ليس بواجب إذ لو كان واجبًا لكفى غسلة واحدة. الرابع: صح أن النبي ﷺ قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ». وإذا كان الاستنثار بعد القيام من النوم سنة بالإجماع، فكذا غسل اليدين بعد القيام من النوم.