أما دليلهم من السنة: فالأحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعات الصحابة في صفة وضوء النبي ﷺ وكلهم وصفوه مرتبًا مع كثرتهم، وكثرة المواطن التي رأوه فيها، ولم يثبت صفة غير مرتبة، وفِعله ﷺ بيان للوضوء المأمور به، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز.
قال ابن القيم: وَكَذَلِكَ كَانَ وُضُوءُهُ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا لَمْ يُخِلَّ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (١).
القول الآخر: ذهب الحنفية (٣)، والمالكية (٤) إلى أن الترتيب في أعضاء الوضوء سنة. واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ .... ﴾ [المائدة: ٦] والواو لا تقتضي الترتيب كما في قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وجائز عند الجميع أن يعتمر قبل أن يحج، ومثل ذلك كثير في القرآن، فدل على أن الواو لا توجب رتبة، وقد قال تعالى: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ