وقال الشيخ تقي لدين (١): كأن ذلك من باب التغليب بالذكر لأحد السببين على الآخر وإن كانا سبيل واحد للترغيب فيه، وقد استعمل الفقهاء ذلك أيضًا، فقالوا: يستحب تطويل الغرة، ومرادهم الغرة والتحجيل، وفي هذا نظر كما قال الفاكهي؛ لأن القاعدة في التغليب أن يغلب المذكر على المؤنث لا العكس والأمر هنا بالعكس؛ [لتأنيث](٢) الغرة وتذكير التحجيل، وأيضًا [فمثل](٣) هذا لا يسمى تغليبًا إذ لم يؤت فيه إلَّا بأحد الاسمين، والتغليب اجتماع الاسمين أو الأسماء وتغليب أحدهما على الآخر، نحو [العُمرين](٤) والأبوين وشبههما.
ويجاب أيضًا بأنها خُصت بالذكر؛ لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء، ولأنه أول ما يقع عليه البصر يوم القيامة.
العاشرة: ادَّعى بعضهم أن قوله: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" من قول أبي هريرة أدرجه آخر الحديث، ذكره في رواية البخاري عن نعيم قال:"رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". وفي هذه
(١) إحكام الأحكام (١/ ٢١٩). (٢) في ن ب (أما تأنيث). (٣) في الأصل (فمن)، وما أثبت من ن ب. (٤) في ن ب (القمرين).