يا رسول الله ما بال المقصرين ظاهرت لهم بالترحم؟ قال: لأنهم لم يشكوا" (١).
قال القرطبي (٢): وحاصله أنه أمرهم يوم الحديبية بالحلاق، فما قام منهم أحد، لما وقع في أنفسهم من أمر الصلح، فلما حلق - صلى الله عليه وسلم - ودعا للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين واحدة، تبادروا إلى ذلك.
قال ابن عبد البر (٣): وكونه في الحديبية [هو](٤) المحفوظ.
قلتُ: وبه جزم من العلماء إمام الحرمين فذكره كذلك في "نهايته"، ونازع القاضي (٥) ابن عبد البر في ذلك فقال: قد ذكر مسلم في الباب خلاف ما قالوه وإن كانت أحاديثه مجملة غير مفسرة موطن، ذلك لأنه ذكر من رواية أم الحصين أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة. وروى مسلم (٦) قبل هذا عنها أنها قالت حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع وقد جاء الأمر في حديثها مفسراً أنه في حجة الوداع فلا يبعد أنه -عليه الصلاة والسلام- قاله في الموضعين.
(١) أحمد (١/ ٣٥٣)، والطحاوي (٢/ ١٤٦)، وابن ماجه (٣٠٤٥). قال البوصيري في الزوائد (٢/ ١٨٥): إسناده صحيح. (٢) المفهم (٣/ ٤٠٤). (٣) الاستذكار (١٣/ ١٠٤). (٤) زيادة من ن هـ. (٥) ذكره في إكمال إكمال المعلم (٣/ ٤٠٢). (٦) مسلم (١٣٠٣).