وعند المالكية وغيرهم حكاية قولين: في أن الجهاد هل يسقط فرضه على الجملة إلَاّ أن تقدح قادحة أو يطرق عدواً قوماً وهو باق؟
والأصح عند الشافعية: أنه كان في عهده -عليه الصلاة والسلام- فرض كفاية وأما بعده فقد يكون فرض عين وقد يكون كفاية ومحل بسط ذلك كتب الفروع.
قال القرطبي (١): الحديث دال على بقاء فرض الجهاد وتأبيده خلافاً لمن أنكر فرضيته.
الخامس: قوله: "إن هذا البلد حرمه [الله](٢) " قد قدمت الكلام عليه مع ما قد يعارضه فراجعه.
ومعنى:"حرمه الله" أي حرم على المحرم وغيره الاصطياد فيه وعلى غير المحرم دخوله إلَاّ أن يحرم ويجري هذا مجرى قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}(٣) أي وطئهن، و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}(٤) أي أكلها فعرف [الاستعمال]، (٥) دال على تعيين المحذوف وقد دل على صحة هذا المعنى اعتذاره -عليه السلام- عن دخول مكة غير محرم معللاً أنه لم تحل له إلَاّ ساعة من نهار
(١) المفهم (٣/ ٤٦٨). (٢) في ن هـ ساقطة. (٣) سورة النساء: آية ٢٣. (٤) سورة المائدة: آية ٣. (٥) في ن هـ (الاستدلال).