أصحها: إني أعطى قوة الطاعم والشارب، لأنه لو كان حقيقة لم يكن مواصلاً، ويؤيده قوله في حديث أنس:"إني أظل يطعمني ربي ويسقيني"، ولا يقال: ظلَّ، إلَّا في النهار، فدل على أن المراد الكناية عن القوة الحاصلة له. [نعم](١) في الصحيحين من حديث أبي هريرة: "إني أبيت" بدل أظل، ويقال: بات يفعل كذا، إذا فعله ليلاً (٢).
ثانيها: أنه يطعم ويسقى حقيقة من طعام الجنة وشرابها كرامة له، لا تشاركه في ذلك الأمة (٣).
ثالثها: أن معناه أن محبة الله -تعالى- تشغنلي عن الطعام والشراب، والحب البالغ يشغل عنهما.
واستبعد القرطبي قول من قال: إنه -تعالى- يخلق فيه شبعاً وريّاً ما يخلقه فيمن أكل وشرب. فقال: هذا القول يبعده النظر إلى حاله -عليه الصلاة والسلام-، فإنه كان يجوع أكثر مما يشبع، ويربط على بطنه الحجارة من الجوع، وكان يقول:"الجوع حرفتي" على ما روي عنه.
(١) في الأصل (دونهم)، والتصحيح من ن ب د. (٢) قال الصنعاني في حاشية العمدة (٣/ ٣٩٨). (٣) في حاشية ن د (حاشية: قال الفاكهي: كنت يوماً مع شيخنا المكين الأسمر مع جماعة من أصحابنا فحضر الطعام، وكنت صائماً فلم آكل. فقال الشيخ: أنا آكل عنه. فوجدت من الشبع والري ما يجده الطاعم الشارب، وظللت بقية يومي متغذياً بذلك).