وخالف بعض المالكية، فقال: ليست بحرام، وإنما الحرام ما كان معه شيء من أفعال الجاهلية: كشق الجيب ونحوه مستدلاً بحديث أم عطية أنه -عليه الصلاة والسلام-: "لما أخذ البيعة عليهن أن لا ينحن قالت: يا رسول الله! إلَّا آل فلان، فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بد لي من أن أسعدهم. فقال "إلَّا آل فلان"(٢).
فالجواب عنه من أوجه:
أحدها: أنه خاص بها جزم به النووي (٣) ولم يرتضه القرطبي.
ثانيا: أنه كان قبل تحريم النياحة وهو فاسد.
ثالثها: أن يكون قوله "إلَّا آل فلان" إعادة لكلامها على وجه الإِنكار والتوبيخ، كما قال للمستأذن حين قال: أنا، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "أنا، أنا" منكراً عليه، ويؤيد هذا رواية النسائي
(١) أبو داود في الجنائز (٢٩٩٩)، باب: في النوح (٢٩٩٩)، والبغوي (١٥٣٦). (٢) البخاري (٤٨٩٢، ٧٢١٥)، ومسلم (٩٣٦)، والنسائي (٧/ ١٤٨، ١٤٩)، والحاكم (١/ ٣٨٣)، وابن أبي شيبة (٣/ ٣٨٩)، وأحمد (٦/ ٤٠٧، ٤٠٨)، والطبراني (٢٥/ ١٣٣، ١٣٦)، وابن حبان (٣١٤٥)، والبيهقي (٤/ ٦٢). (٣) انظر: شرح مسلم (٦/ ٢٣٨).