العادة مانع منهما بين حكمه - صلى الله عليه وسلم - وهو عدم الامتناع منهما بأذان بلال إلى سماع آذان ابن أم مكتوم، ومن هذا كقوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}(١) فجعل حتى غاية للتبيين.
قال ابن عطية (٢): والمراد به فيما قال جميع العلماء بياض النهار وسواد الليل، وهو نص قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم في حديثه المشهور (٣).
قال: واختلف في الحد الذي يجب به الإِمساك.
فقال الجمهور: بطلوع أول الفجر الصادق.
وروي عن عثمان وحذيفة وابن عباس وطلق وعطاء والأعمش وغيرهم: أن الإِمساك يجب بتبيين الفجر [من](٤) الطرق وعلى
رؤوس الجبال.
وذكر عن حذيفة أنه قال: "تسحرت مع رسول - صلى الله عليه وسلم - وهو النهار
(١) سورة البقرة: آية ١٨٧. (٢) المحرر الوجيز (٢/ ٩١). (٣) ولفظه في البخاري (١٩١٦)، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت انظر في الليل فلا يتبين لي، فغدوت على رسول - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له فقال: "إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار". اهـ. (٤) لعلها (في) أقرب إلى المعنى، والله أعلم.