وألقى عليه مثاقيله، أي: مؤنته. فحصل من هذا أنه يستعمل حقيقة، وذلك في الأجسام، ومجازًا، وذلك في المعاني. ومنه الحديث إذ الصلاة ليست بجسم.
ثانيها: يؤخذ من الحديث الصلوات كلها ثقيلة على المنافقين، لما تقرر من مدلول صيغة أفعل، وشاهد ذلك قوله -تعالى-: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}(٢) وقوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى}(٣) وهذا كله في صلاة الجماعة، وإن لم يذكر [لقوة](٤) السياق الدال على ذلك [ومنه: "لأتوهما"، و"لا] (٥) يشهدون الصلاة".
ثالثها: إنما كانت هاتان الصلاتان أثقل عليهما من غيرهما لقوة الداعي إلى ترك حضور الجماعة فيهما، وقوة الصارف عن الحضور.
أما العشاء: فلأنها وقت الإيواء والراحة.
وأما الصبح: فلأنها وقت لذة النوم صيفًا وشتاءً، والمؤمن الكامل لا مشقة عليه لابتغاء الأجر، ولهذا قال - عليه السلام -: "ولو يعلمون ما فيهما" أي جماعة في المسجد من الأجر والثواب،
(١) انظر: مختار الصحاح (٤٣)، والمصباح المنير (٨٣). (٢) سورة التوبة: آية ٥٤. (٣) سورة النساء: آية ١٤٢. (٤) في الأصل (لقوله)، وما أثبت من ن ب. (٥) هكذا العبارة في الأصل، وفي ن ب مع البحث في المصادر.