فقد كانَ ﵀ زاهِدًا ناسِكًا تارِكًا للدُّنيا، حتى وصَفَهُ القائلُ بقوله:"ما رأيتُ الأغنياءَ والسَّلاطِينَ عندَ أحدٍ أحقَرَ منهُم عندَهُ، معَ فَقرِهِ وحاجَتِه"(١)، وقال آخرُ: إنه "فقيرٌ صبورٌ، مجانِبٌ للسُّلطانِ، وَرعٌ عالِمٌ بالقرآنِ"(٢).
وربما يُستَأنَسُ له بما يُروَى:"اللَّهُمَّ لا تجعلْ لفاجِرٍ عندي نعمةً يرعاهُ بها قَلبي"(٣)، وبحديثِ:"الهديَّةُ تَذهَبُ بالسَّمعِ والبصرِ"(٤)، وهو ضعيفٌ.
والكلامُ في هذا كلِّه مَبسوطٌ في "الأجوبةِ الحديثيَّةِ"(٥).
البيهقيُّ في "السُّنَنِ"(٦)، من حديث شعبةَ عن أبي إسحاقَ عن حسان بنِ فائِدٍ (٧) عن عمرَ بنِ الخطَّابِ أنه قال: "الشَّجاعَةُ والجُبْنُ غرائِزُ في الناسِ،
(١) قاله عيسى بن يونس. انظر: "تاريخ بغداد" (٩/ ٨). (٢) قاله يحيى بن معين. انظر: "تاريخ دمشق" (٢٠/ ٥٩). (٣) أسنده الديلميُّ، كما في "الزهر"، من حديث الحسن عن معاذٍ مرفوعًا: "اللَّهُمَّ لا تجعل لفاجرٍ عندي نعمة فيودُّه قلبي". وسنده ضعيف: فيه محمد بن بُور -ويقال: فُور-، له مناكير. انظر: "اللسان" (٧/ ١٨). وهو منقطعٌ؛ الحسن لم يدرك معاذًا ﵁. (٤) أخرجه القضاعي في "الشهاب" (١/ ١٥٧) رقم (٢٢٠)، من حديث أنس ﵁ به مرفوعًا. وإسناده ضعيفٌ جدًّا، ولا يبعد أن يكون موضوعًا: فيه محمد بن محمد بن الأشعث: له مناكير وموضوعات. انظر: "اللسان" (٧/ ٤٧٦). وفيه الفضل بن المختار: منكر الحديث. انظر: "اللسان" (٦/ ٣٥٢). وراويه عن أنس: أبان بن أبي عياش، وهو متروك. تقدمت ترجمته. * وأخرجه الطبراني في "الكبير" (١٧/ ١٨٣) رقم (٤٨٨)، من حديث عصمة بن مالك الخطميِّ ﵁ مرفوعًا بلفظ: "الهدية تذهب بالسمع والقلب". وفي سنده الفضل بن المختار المتقدم ذكره. (٥) "الأجوبة المرضية" (١/ ٣٧٠ - ٣٧٥). (٦) "السنن الكبرى" (السير، باب الشجاعة والجبن) (٩/ ١٧٠). (٧) العبسيُّ الكوفيُّ. سمع عمر بن الخطاب ﵁، روى عنه أبو إسحاق السبيعي. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: "شيخ". =