يعني: جعفر بن محمد (١)، فلما بلغ مبلغ الرِّجال، قال له أبو عبد الله: ما يمنعك أن تتزوَّجَ فتاةً من فتيات قومك؟ قال: فأعرضتُ عن ذلك، فأعاد عليَّ غيرَ مرَّةٍ، فقلتُ له: مَنْ ترى أن أتزوَّج؟ فقال: كلثوم بنت محمد بن عبد الله الأرقط، فإنَّها ذاتُ جمال ومال. قال: فأرسلتُ إليها فتهازرَتْ (٢) على رسولي، وضحكتْ منه، وتعجبَتْ كلَّ العجب لإقدامي وجُرأتي على خطبتها، فأتيتُ أبا عبد الله، فأخبرتُه، فقال لمعتِّبٍ (٣): ائتني بثوبين يمنيين مُعْلَمين، فأتى بِهما فلبستُهما ثمَّ قال لي: تعرَّضْ أن تمرَّ بقربِ منْزلها وتستقيَ ماءً، واحرص على أن تعلمَ مكانك. /٣٨٢ قال: فوقفتُ بالباب، فعلمَتْ بِمكاني ففتحَتْ، فنظرتُ إليها، فأشرفَتْ عليَّ، وأنا لا أعرفها، فنظرَتْ إليَّ ثم قالت:(تسمعُ بالمعُيَديِّ خيرٌ من أن تراه)(٤) ثمَّ انصرفَتْ، فأتيتُ أبا عبد الله فأخبرتُه، وكنتُ ربَّما غبتُ عن المدينة أتصيَّدُ. فقال لي: إذا شئتَ فغِبْ عن المدينة أياماً، فغبتُ أياماً ثمَّ نزلتُ المدينة، فإذا مولاة لها قد أتتني، فقالت: نحن نريد أن نُعَمِّرَك (٥) للعرس وأنت تطلبُ الصَّيدَ، وتَضْحَى (٦)
للشَّمس، قد جئتُ وطلبتُكَ غيرَ مرَّة، وبعثَتْ معي بألف دينار، وعشرةَ أثوابٍ، وتقول لك: تقدَّمْ إذا شئتْ فاخطبني، وأمهرنيها، فإنَّ لكِ عِشرةً جميلة ومواتاة (٧). فغدوتُ فملكتُها، وأَمرْتُها بالتهيُّؤ ثمَّ جئتُ أبا عبد الله، فأخبرتُه فقال: تَهيَّأ للسفر،
(١) جعفر الصادق، وتقدمت ترجمته. (٢) في الجليس الصالح: فثارت. وتهازرت: تضاحكت. القاموس (هزر) ص ٤٩٧. (٣) هو مولى أبي عبد الله جعفر الصادق، كما سيأتي. (٤) هذا مثل من أمثال العرب. الأمثال لأبي عبيد ص ٩٧، مجمع الأمثال ١/ ١٢٩. (٥) نهيئك. (٦) تضحى: تبرز. القاموس (ضحى) ص ١٣٠٥. (٧) موافقة.