المُصَدِّقُ (١) أن يعفيه من الجعودة، ويأخذها دُهماً. فكتب الرمَّاحُ إلى الوليد (٢):
ألم تعلم بأنَّ الحيَّ كلباً … أرادوا في عطيَّتِكَ ارتدادا
فكتب الوليد إلى المصدِّق: أن يعطيه مائةً دُهْماً جِعاداً، ومائةً صهباً، فأخذ المائتين، وذهب بِها إلى أهله. قال: فجعلَتْ تضيء هذه من جانب، وتظلم هذه من جانب، حتى أوردها حوض البَرَدانِ فجعل يرتجز ويقول (٣):
ظلَّتْ بحوض البَرَدانِ تغتسلْ … تشربُ منها نَهلاتٍ وتَعِلّْ
وقال بِشر بن أبي خازم (٤):
عَفَتْ من سُليمى رَامةٌ فكَثيبُها … وشطَّتْ بها عنك النَّوى وشُعوبُها
وغيَّرها ما غيَّرَ النَّاسَ بَعدَها … فبانَتْ وحاجاتُ النُّفوسِ نصيبها
مُعَاليةً لا هَمَّ إلا مُحَجَّرٌ … وحرَّةُ ليلى، السَّهلُ منها، فَلُوبُها
أي: وبانت معاليةً، أي: مرتفعةً إلى الأرض العالية، وليس لها هَمٌّ إلا
(١) المُصَدِّق، كَمُحَدِّث: آخذ الصدقات، والمُتصدِّق: مُعطيها. القاموس (صدق) ص ٩٠٠. (٢) البيت في ديوانه ص ١٠٩، معجم البلدان ٢/ ٢٤٨، وبعده: (وقالوا: إنَّها صُهْبٌ وَوُرْقٌ … وقد أعطيتَها دُهماً جِعادا). وفي الديوان: (ألمْ يبلغْك أنَّ الحيَّ .. ). والصُّهْبُ من الإبل: التي يعلو شعرها حُمرةٌ، وأصوله سود. والوُرْقُ جمع أورق، وهو سوادٌ في غُبرة. (شرح الديوان). وفي القاموس (ورق) ص ٩٢٨، والأورق من الإبل: ما في لونه بياضٌ إلى سواد، وهو من أطيب الإبل لحماً، لا سيراً وعملاً. (٣) الرَّجز في ديوانه ص ٢١٩، والقصة في معجم البلدان ٢/ ٢٤٨. والبَردان: جبلٌ مشرف على وادي نخلة قرب مكة. معجم البلدان ١/ ٣٧٥. (٤) شاعرٌ جاهليٌّ من بني أسد، أدرك حرب الفجار التي اشترك بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو شابٌ. الأغاني ١٣/ ٩٥، الحيوان للجاحظ ٦/ ٢٧٥. والأبيات في ديوانه ص ١٣، المفضليات ص ٣٣٠، معجم البلدان ٢/ ٢٤٨. رامةُ: قرية من قرى بيت المقدس. معجم البلدان ٣/ ١٨. اللُّوبُ جمع لُوبة، وهي الحَرَّة. القاموس (لوب) ص ١٣٥.