قال عياض: حديث حنين الجذع مشهور منتشر، والخبر به متواتر، أخرجه أهل الصحيح، ورواه من الصحابة رضي الله عنهم بضعة عشر، منهم: أبي ابن كعب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعبد الله /٢٠٢ ابن عباس، وسهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري، وبريدة، وأم سلمة، والمطلب بن أبي وداعة، رضي الله عنهم (١).
وعند أبي داود: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَدُنَ (٢) قَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رَضيَ الله عَنهُ: يَا رَسُولَ الله ألا تَتَّخِذُ (٣) لَكَ مِنْبَرًا يَحْمِلُ أَوْ يَجْمَعُ (٤) عِظَامَكَ قَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلَى. فَاتَّخَذَ (٥) مِنْبَرًا، مِرْقَاتَيْنِ (٦).
فإن قلت: اختلفت الروايات في كونه على ثلاث درجات ودرجتين، فكيف طريق الجمع بينهما؟ قلت: الذي يظهر في ذلك أن الذي ذكر درجتين كأنه لم يعتبر المقعد، والذي روى ثلاثاً اعتبره (٧)
(١) الشفا ١/ ٤٢٧. وقال الحافظ ابن حجر: إن حنين الجذع وانشقاق القمر نُقِلَ كلٌ منهما نقلاً مستفيضاً يفيد القطع عند من يطلع على طرق ذلك من أئمة الحديث، فتح الباري ٦/ ٥٩٢. (٢) قال ابن الأثير: بَدَّنَ الرجل بالتشديد: إذا كَبِرَ، وبالتخفيف وبضم الدال: إذا سمن. جامع الأصول ١١/ ١٨٨. (٣) في سنن أبي داود: أَتَّخِذُ. (٤) في سنن أبي داود: يَجْمَعُ أَوْ يَحْمِلُ. (٥) في سنن أبي داود: فَاتَّخَذَ لَهُ. (٦) أخرجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أبو داود، في الصلاة، باب اتخاذ المنبر، رقم: ١٠٧٤، ٢/ ٩٩. وإسناده حسن. (٧) وهذا ظاهر في حديث كعب بن عُجْرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احضروا المنبر فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين .. الحديث.
أخرجه الحاكم في المستدرك ٤/ ١٧٠، والطبراني في الكبير ١٩/ ٦٤٩. كلاهما من حديث كعب بن عجرة. صححه الحاكم، وأقره الذهبي.