وَتُرْباؤها (١) عن جميع الأسْقَامِ والآلامِ شافِية.
- مَدْخَل صِدْقٍ: بفَتْح المِيمِ من قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}(٢). قال المُفَسِّرون: مُدْخَلَ صِدْقٍ: المدينة. ومُخْرَج صِدْقٍ: مكة (٣). على أن للمُفَسِّرين فيه أقوالًا:
الأوَّل: أَنَّ المُرَادَ إدخاله مكة ظاهِرًا على أهلها، قاهِرًا لِحِزْبِها … (٤) وإخراجُهُ منها آمِنًا مِنَ الكُفَّارِ، سالمًا عن شَرِّ ما نَوَوا له مِن الضِّرار.
الثَّاني: أَنَّ المُرَادَ إِدْخَالُهُ الغار، وخروجُهُ منه سالمًا من كُلِّ مُغِيرٍ ومغار.
الثَّالِثُ: أَنَّ المُرَادَ إدخَالُهُ فيما حَمَلَهُ مِنْ أَعْباءِ الرِّسالَةِ، وَإِخْراجُهُ منها بعد القيام بحقوق ما سار إليه منها … (٥).
الرَّابعُ: أَنَّ المُرَادَ إدْخَالُهُ في كُلِّ ما لا بُدَّ لَهُ مِنْ ملابَسَتِهِ من المَكَارِهِ مَصحوبًا بالألطاف، وَإِخْرَاجُهُ مِنْها غير مَفْتُونٍ ولا مُمْتحَنٍ، ولا قَلِقٍ ولا جَزِعٍ ولا مُخَافٍ.
الخامِسُ: أَنَّ المُرَادَ إِدْخَالُهُ في القَبْرِ مُوقَّىً عن الملامَةِ، مَرْضِيًا عمَّا سَلَكَ مِنْ سبيل الإمَامَةِ، وإخراجُه مِنْهُ لِيَوْمِ القيامَةِ ملقَّىً بالكرامَة.
(١) الترباء: الأرض. القاموس (ترب) ص ٦١. (٢) سورة (الإسراء) آية رقم: ٨٠. وقراءة الفتح قراءة الحسن وعكرمة والضحاك، وحميد بن قيس وقتادة وأبي العالية، ونصر بن عاصم. تفسير القرطبي ١/ ٣١٣، زاد المسير ٥/ ٧٦، والقراءة المشهورة: (مُدْخَلّ … مُخْرَج) بضم الميم. (٣) هذا ما رجحه الطبري في تفسيره ٩/ ١٥٠. (٤) كلمة غير واضحة. (٥) هذا ما تبين لي من رسم الكلمات، والذي ذكره المفسرون: أدخلني في النبوة والرسالة، وأخرجني مخرج صدق .. يعني: أخرجني مِمَّا يجب علي فيها. زاد المسير ٥/ ٧٧.