بِذَلك لأنَّ أَوَّل مَنْ سَكَنها عِنْدَ التَّفَرُّقِ يَثربُ بنُ قانِيةَ بن مهابيل (١) بن آدم بن عبيل بن عَوْصِ بن إِرم بن سام بن نوح، فَلَمَّا نزلها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاها طَيْبَةَ وطابَةَ كَرَاهِيَةً للتَّثريبِ. قال: ولو تكلَّف متكلِّفٌ أَمْكَنَهُ أنْ يَقُول في يَثرْب: إنَّهُ يفْعِل من قولهم: لا تَثريب عَلَيْكُم، أي: لا تَعْيِير ولا عَتْبَ كما قال تعالى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}(٢) مَعْنَاهُ: لا تَعْيِيرَ عليكَم بما صَنَعْتُم ولا تَوْبِيخ.
ويُقَال: أَصْلُ التَّثريبِ الإفساد، يُقَالُ: ثَرَبَ عَلَيْنا فلانٌ. انتهى (٣).
أو يُقَالُ: إنَّهُ مِنْ ثَرَبَهُ يَثرِبُهُ ثَرْبًا، مِثَالُ: ضَرَبَهُ يَضرِبُه، إذا نَزَعَ عَنْهُ ثوبَهُ. وكانَ هذا حالُها قَبْلَ الإسلامِ، ودُخُولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وحُلُولهِ فيها. كانَ يَنْزِعُ ثَوْبَ العافِيةِ لِمَنْ نَزَلَ بِها.
أَو منَ الثَّرْب بِمَعنَى القِلَّةِ. يُقَالُ: أَثْرَبَ الرَّجُلُ إذا قُلِّلَ عطاؤُه، سُمِّيَ بِهِ لِقِلَّةِ وُجْدانِ الطعامِ بِها، أو منَ التَّثريبِ، بمعنى الطَّيِّ، يُقَالُ: ثَرَبَ بئرَه، أي طواها، وَأَتْقَنَ بناءَها، سُمّيَتْ بِهِ تفاؤلًا لحصانَتها وتَمَنُّعِها على مَنْ قَصدَها.
= بغية الوُعاة ٢/ ١٦٠، إشارة التعيين ص ١٨٠. (١) في معجم البلدان ٥/ ٤٣٠ (مِهلائيل). (٢) سورة (يوسف) آية: ٩٢. (٣) معجم البلدان ٥/ ٤٣٠.