/٩٦ وفتح أهل المدينة حصون اليمامة وامتنع عليهم الحصن الذي كانت فيه زرقاءُ اليمامة فصابره تبع حتى افتتحه وقبض على زرقاء اليمامة وعلى صاحب الحصن، وكان اسمه لا يكلم، وقال لليمامة: ماذا رأيت؟ وكيف أنذرت قومك بنا؟ فقالت: رأيت رجلاً عليه مِسْحٌ أسودٌ وهو ينكب على شيء، فأخبرتُهم أنه ينهش كتفاً، أو يَخْصفُ نعلاً، فقال للرجل: ماذا صنعت حين صعدت الجبل؟ فقال: انقطع شراك نعلي، ودخلت شوكة في رجلي، فعالجت إصلاحها بفمي، وعالجت إصلاح نعالي بيدي وفمي. فأمر تُبَّعٌ بقلع عينيها، وقال: أحبُّ أن أرى الذي أدى إليها هذا النظر، فلما قلع عينيها فوجد عروقها كلها محشوة بالإِثْمِدِ، قالوا: وكان قال لها: أنى لك هذا؟ قالت: كنت آخُذُ حجراً أسودَ فأدقُهُ، فأكتحل به، وكان يقوي بصري، فيقال: إنَّها أول من اكتحل بالأثْمِدِ من العرب، قالوا: ولما قلع عينيها أمر بصلبها على باب جَوٍّ وأن يسمى باسمها، وقال تُبَّعُ يذكر ذلك:
وسمّيْتُ جوّاً باليمامة بعدما … تركتُ عيوناً باليمامة هُمَّلا
نزعتُ بِهَا عيني فتاةٍ بصيرةٍ … رغاماً ولم أَحْفِلْ بذلك محفلا