مطلقاً (١)، وكلُّ من صبر بها على شدة ما فإنه يدخل تحت هذا الوعد السعيد.
ومنها: صَوْنُ النَّفْس عن ملابسة السآمة والمَلَل والضَّجَر، والفُتُورِ والقَلَق والحَصَر (٢)، عن حصول ما لا يكاد تخلو المدينة الشريفة من شيء منها، من شَظَفِ (٣) العيش، وضيق الحال، وقلة المال، وفقدان كثير من رفاهية العيش، ورفاعة الحياة، والتنعمات المعتادة في غيرها من المدن، فإن هذه الخصلة أيضاً من محاسنها ومفاخرها، ومعدودة في مناقبها ومآثرها.
وعساك حزمت بأن تحظى بحيازة درجات الفائزين المهاجرين، وتسعد بحياطة (٤) حسناتِ الشاكرين والصابرين، من غير أن تعالج قليلاً من البلاء، وتَعَضَّ بناجِذَيْكَ على جِذْم (٥) الصَّبْر الذي هو أمَرُّ من الأَلاء (٦)، اصبر على لأوائها وبَلوائها، ولا تضجر ولو صِرْتَ في غِمار الشدة وغلوائها، فقد رأينا كثيراً من المُترَفين في هَوَى صورة من الصور يختارون من أنواع البلاء أشقَّها، ويَسْتَهْوِنون من ضروب المصائب
أَحْمَزَها (٧)، بل يَسْتَحْلُون مُرارَها، ويستطيبون ضررَها.