/٥٠٦ هبَّ إذْ هبَّ شَمالٌ وصَبا … مِنْ كَراهُ الشَّوقُّ صَبَّاً وصَبَا (١)
صبَّ دمعاً فَرَجَا في صَبِّه … فَرَجاً فازدادَ منه وَصَبَا (٢)
هاجَهُ ذكرُ ليالٍ سلفَتْ … بلذيذ العيشِ أيَّامَ الصِّبَا
يارعَى اللهُ لُيَيْلَاتٍ مضَتْ … مَعَ مَنْ تَهوى ودهراً أَخْصَبا
حينَ لا نخشى من الواشي وقَدْ … غَفَلَتْ عنَّا عيونُ الرُّقَبا
مَنْ لِمَنْ قد بانَ عنه إِلْفُهُ … وعن الأحبابِ رَغْماً غُيِّبَا (٣)
شَرَّقَتْ أحبابُه إذْ غَرَّبَا … أين مَنْ شرَّقَ ممَّنْ غَرَّبا (٤)
أَتُراهم يذكرونا بعدَهم … أمْ نَسُونا منذْ صِرْنَا جُنُبا (٥)
فأعِدْ يا سعدُ ذِكْرَ المُنْحنى … إنَّ ذِكْرَاه تُهِيجُ الطَّرَبا (٦)
قِفْ بأُحْدٍ ومغاني طيبةٍ … حبَّذا تللك المغاني والرُّبا
إنْ تُرِدْ قلبَ المُعنَّى تَلْقَهُ … بينْ سَلْعٍ والمُصلَّى وَقُبا (٧)
وعلى وادي العقيق اجتزو … فيالك من مائهِ ما أَعْذَبا
لكنْ النَّفسُ ولو نالت من الد … هر ما نالَتْ عُلاً أو مَنْصِبا
مَيْلُها طبعاً إلى أوطانها … تَذْكُر المَرْبَا وتَهوى اللَّعِبا
سِيِّما ما كان منه وطناً … حلَّه أَزْكَى البَرايا نَسَبا
يَمِّمِ المَغْنَى الذي مَنْ أَمَّهُ … نالَ في الدَّارين ما قدْ طَلَبا
* * *
(١) الشَّمال والصَّبا: من أسماء الريح، والصَّبُّ: المشتاق. القاموس (شَمَلَ) ص ١٠٢٠، (صَبَوَ) ص ١٣٠٢، (صبب) ص ١٠٤، والكرى: النوم والنعاس. اللسان (كرا) ١٥/ ٢٢١.
(٢) الوَصَبُ: المرض. القاموس (وَصَبَ) ص ١٤١.
(٣) بان: انفصل. القاموس (بَيَنَ) ص ١١٨٢.
(٤) غَرَب: غاب. القاموس (غرب) ص ١٢٠.
(٥) جُنُبا: غرباء بعداء. القاموس (جنب) ص ٦٩.
(٦) المنحنى: موضع له ذكر في الغزل في أماكن المدينة، وأهلها اليوم يقولون: إنه قرب المصلى (مسجد الغمامة) شرقي وادي بطحان. الوفا ٤/ ١٣١٤.
(٧) وَقَبَ: دخل. القاموس (وقب) ١٤٢، ويحتمل ضبطها وقُبَا.