وأمَّنَ من خسفٍ ومن أنْ يصيبَنا … عذابٌ وهو فينا بقدرةِ قادرِ
ومنها لمجذومٍ دواء سِباخُها … فخذها كراماتٍ أتت ببشائرِ
وكان إذا ليلٌ سجى قام داعياً … لأهل بقيعِ الغرقدِ المتفاخرِ
فيهدي إليهم من حفيلِ دعائِه … ويسأل مولاه بإحضارِ خاطرِ
ووصَّى جميعَ النَّاس طرَّاً بجارِه … فقال: احفظوني أمتي في مجاوري
وقد قال: ما من ذاك واللهِ أبتغي … مكاناً لدفني من جميعِ المقابرِ
سوى هذه يعني بها تُربَ طيبةٍ … فأكرِمْ بتربٍ للرسولِ مباشرِ
دَعَا ودَعَا حتى دَعَا في ثمارِها … فصار بها يزكو كحائط جابرِ (١)
كذلك في صاع ومدٍّ دعا لنا … فيشبعنا ربعٌ وشطرٌ لصابرِ
وجا أنَّها تنفي الذُّنوب مُصحَّحاً … وإطلاقه يحوي عظيمَ الكبائرِ
لها مسجدٌ للمصطفى أيُّ مسجدٍ … به حجرةٌ فيها الدليلُ لحائرِ
صلاةٌ بألفٍ يا سعادتنا به … فوائدُ طابت متجراً لمتاجرِ
به مِنْبَرٌ في روضةٍ وَسْطَ جنَّةٍ … علت يا لها من روضةٍ لمفاخرِ
ومنبره فالحوض تحت رِتاجه (٢) … وهل مثلُه من منبرٍ في المنابرِ
وحول ضريحِ المصطفى قد تعاقبت … ملائكةٌ سبعون ألف مظاهرِ
ذكرتُ قليلاً من فضائلِ طيبةٍ … ومَنْ رام حصراً ما يكونُ بقادرِ
ألا لا تلوموني فإني أحبُّها … فكم خوَّلتني ما تمنَّتْ خواطري
/٥٠٢ فمن طيبِها طيبي وأحمدُ طيبُها … سوى البيتِ لا يُلفى لها من مُناظرِ
أيا عاذلي فيها تأمَّلْ جمالَها … وأنوارُ خيرِ الخلق بادٍ وحاضرِ
سألزمُها دهري وأحكي علومَها … وأدفع عنها طاقتي كلَّ جائرِ (٣)
(١) حديثه عند البخاري في الاستقراض، باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز برقم (٢٣٩٥).
(٢) الرتاج: الباب العظيم. القاموس) (رتج) ص ١٩٠، اللسان (رتج) ٢/ ٢٧٩.
(٣) زاد في نصيحة المشاور بيتاً هو:
وأُلزم ذاتي صحنَها ورحابَها … وحجرتَها والسر خلفَ الستائرِ