يحكى أنَّ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كاتب رجلاً من قريش، أمُّه أخت
عقيل بن عُلَّفَة (١)(٢) فقال له: قبَّحك الله أشبهْتَ خالك في الجفاء. فبلغ عُقيلاً فجاء حتى دخل على عمر رضي الله عنه، وقال له: ما وجدتَ لابن عمِّك شيئاً تُعيِّره به إلا خؤولتي؟ فقبَّح الله شرَّكما خالاً؟، فقال صُحَير بن أبي الجهم (٣) -وأمه قرشية-: آمين، يا أمير المؤمنين، قبَّحَ الله شرَّكما خالاً وأنا معكما. فقال عمر رضي الله عنه: إنَّك لأعرابيٌّ جِلْفٌ (٤)، أما لو تقدَّمْتُ إليك لأدَّبتك، والله لا أراك تقرأ من كتاب الله شيئاً. قال: بلى؟ إني لأقرأ. قال: فاقرأ. فقرأ:{إذا زلزلت}(٥) حتى بلغ آخرها. فقرأ: فمَنْ يعملْ مثقالَ ذرَّةٍ شراً يره، ومَنْ يعملْ مثقالَ ذرَّةٍ خيراً يره.
فقال عمر رضي الله عنه: ألم أقل لك إنك لا تحسن أن تقرأ؟ إنَّ الله قدَّم الخير، وأنت قدَّمت الشر. فقال عقيلٌ:
خُذَا أنفَ هَرْشَى أو قَفَاها فإنَّما … كلا جانبي هَرْشَى لَهنَّ طريقُ
فجعل القوم يضحكون من عَجْرَفته (٦).
(١) تحرفت في الأصل إلى: (علقمة). (٢) كان شاعراً شريفاً، مُجيداً مُقلاً، غيوراً جافياً، لا يرى أن له كفوءاً، وهو في بيت شرف قومه، تزوَّج ابنته يزيد بن عبد الملك، كان يهاجي بكير بن المغيرة. معجم الشعراء ص ٣٠١، الأغاني ١١/ ٨١، أنساب الأشراف ١٣/ ١١٠. (٣) هو صحير بن أبي جهم بن حذيفة بن غانم العدوي، وأمه قرشية، كان جواداً، طلبه عبد الملك بن مروان فهرب منه، وحارب بني أمية. المنمق لابن حبيب ص ٢٩٦ - ٢٩٨،٣٠٦، المحبر ص ١٥٣. (٤) الجِلف ـ بالكسر-: الرجل الجافي. القاموس (جلف) ص ٧٩٧. (٥) سورة (الزلزلة). (٦) العَجْرَفَة: الجفوة في الكلام، والخُرْق في العمل. القاموس (عجرف) ص ٨٣٥. وهذه القصة في الأغاني ١١/ ٨٥، ولا أصل لهذه القصة.