النووي (١) وقَبْلَه أبو عمرو بن الصلاح (٢) مُسْتَدِلَّيْن على استحبابِ الزيارة، ولم يذكرا وجه الدلالة. وقال غيرُهما (٣): يستدلُّ بهذين الحديثين من ثلاثة أوجه:
الأولُ: ثبوتُ العملِ عليهما (٤)، وذلك يقتضي ثبوت حكمهما، وقلَّ أن يوجد في السُّنَّة حديثٌ عليه عَمَلٌ كالعمل على هذين الحديثين.
الثاني: ثبوتُ الشواهدِ الكثيرة لهذين الحديثين على معنى مشروعية الزيارة، وذلك يدلُّ على ثبوتِ أصلهما (٥)، ويرفعُ درجةَ سندِهما إلى محلِّ شواهدهما.
الثالث: أنَّ أئمة الحديثِ وعلماءَ السلفِ كلهم متوافقون على قَبول ما يَرِدُ
(١) الإيضاح في مناسك الحج ص ٤٨٨ مع حاشية ابن حجر الهيتمي. والنووي هو يحيى ابن شرف الدمشقي، العالم الزاهد المشهور صاحب المؤلفات الكثيرة. توفي سنة ٦٧٦ هـ. العبر ٣/ ٣٣٤، شذرات الذهب ٥/ ٣٥٤. (٢) عثمان بن صلاح الدين عبد الرحمن الكردي الشهرزوري الشافعي، له مؤلفات كثيرة، ولد سنة ٥٧٧ هـ، وتوفي سنة ٦٤٣ هـ. وفيات الأعيان ٣/ ٢٤٣. تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٣٠، سير أعلام النبلاء ٢٣/ ١٤٠. (٣) لم أقف على أصحاب هذا القول. (٤) إذا ثبت النهي من الشرع فلا يستدل بعمل أحد دونه -إن صح ذلك - ولايُعارض بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلاً عن إثبات حكم شرعي مبني على أحاديث ضعاف وموضوعة ولاتصح لاسنداً ولامتناً. (٥) قال شيخ الإسلام: أحاديث الزيارة لا يصح منها شيء. التوسل والوسيلة ص ٦٩.