ثانيًا: معنى اسم الله (المتعالِ):
قال ابن كثير ﵀: «المتعال على كل شيء قد أحاط بكل شيء علمًا، وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب، ودان له العباد طوعًا وكرهًا» (١).
فالمتعال هو الذي ليس فوقه شيء في قهره وقوته، فلا غالب ولا منازع
له سُبْحَانَهُ، بل كل شيء تحت قهره وسلطانه، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ١٨]، وقال تَعَالَى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩١] فلو فرضنا وجود إلهين اثنين متنازعين متشاكسين، مختلفين ومتضادين، وأراد أحدهما شيئًا خالفه الآخر، فلا بد عند التنازع من غالب وخاسر، فالذي لا تنفذ إرادته فهو المغلوب العاجز، والذي نفذت إرادته هو المتعالي القادر، وقد أحسنت الجن لما قالت: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا﴾ [الجن: ٣].
قال ابن القيم ﵀:
هَذَا وَثَانِيهَا صَرِيحُ عُلُوِّهِ … وَلَهُ بِحُكْمِ صَرِيحِهِ لَفْظَانِ
لَفْظُ العَلِيِّ وَلَفْظَةُ الأَعْلَى مَعْرِ … فَةً أَتَتْكَ هُنَا لِقَصْدِ بَيَانِ
إِنَّ العُلُوَّ لَهُ بِمُطْلَقِهِ عَلَى التَّـ … عْمِيمِ والإِطْلَاقِ بِالبُرْهَانِ
وَلَهُ العُلُوُّ مِنَ الوُجُوهِ جَمِيعِهَا … ذَاتًا وَقَهْرًا مِنْ عُلُوِّ الشَّانِ (٢)
(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٥٠٤).(٢) النونية (ص: ٧٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute