وأخبرهم الخبير بأن له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وأن طريق معرفتها الوحي، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٩]، قال جماعة من المفسرين: يعني بذلك: نفسه الكريمة ﵎(١)، وقال ابن كثير ﵀:«استعلم عنه من هو خبير به عالم به فاتبعه واقتد به، وقد علم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به من عبده ورسوله محمد- صلوات الله وسلامه على سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا والآخرة، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى- فما قاله فهو حق، وما أخبر به فهو صدق … »(٢).
وهذا يعني: إثبات ما أثبتها الله لنفسه ورسوله ﷺ من الأسماء والصفات، ونفي ما نفاه الله عن نفسه ورسوله ﷺ من الأسماء والصفات.
كل ذلك من غير تحريف ولا تعطيل؛ إذ خبرهما أفصح خبر وأبينه، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ لأخبره سُبْحَانَهُ أنه لا مثيل ولا شبيه له، قال تَعَالَى:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وبهذا يوحد الله في أسمائه وصفاته.
ثم إن هذا الإخبار من الله ﷿ بالتوحيد أصدق خبر وأكمله وأحقه، قال تَعَالَى: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٤]، فلا يخبرك بالأمور وأحكامها
(١) ينظر: تفسير الطبري (١٩/ ٢٨٧)، وتفسير البغوي (٣/ ٤٥٣)، وتفسير القرطبي (١٣/ ٦٣)، وفتح القدير، للشوكاني (٤/ ٩٨). (٢) تفسير ابن كثير (٦/ ١١٩).